يواصل الأسعد بن عبد اللّه منذ يوم 16 أكتوبر الجاري تقديم مسرحيته الجديدة «فوتوكوبي» في دار الثقافة المغاربية ابن خلدون وتتواصل عروض المسرحية إلى يوم 9 نوفمبر. هذه المسرحية هي العمل الثالث الذي يقدمه بن عبد اللّه كمخرج في المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف بعد «المنسيات» و»كاف الهوى» وجاءت هذه المسرحية لتؤكد حضور الأسعد بن عبد اللّه كمخرج له لغته الخاصة ومفرداته الجمالية واقتراحاته الفنية التي اكتشفناها منذ سنوات في الأعمال التي قدمها في سي تار مع رفيقة دربه بادية بن أحمد مثل «نواقس» و»المكتوب» و»زرقون ستوري» و»تقاسيم» و»الريتسي» و»كسوف» و»فلوس القاز» وقد كان في كل أعماله فنانا متأنيا بعيدا عن الارتجال والفبركة. فمسرحية «فوتوكوبي» التي انطلقت عروضها مؤخرا أخذت حوالي عامين من الاعداد قبل أن تظهر للجمهور في 50 دقيقة فقط لكنها 50 دقيقة من الخلق ومكابدة الفعل المسرحي كشفت للجمهور عن طاقات فنية متميزة لمعز حمزة ووفاء الطبوبي. تقطيع تقدم المسرحية في أسلوب ساخر فيه الكثير من التقطيع السينمائي حكاية رجل وامرأة يلتقيان صدفة في محطة حافلات.. تتداخل حكايتهما عن المال والزواج والعائلة والناس والأصدقاء والعلاقات الاجتماعية والعنف والاغتصاب والانتحار والنفاق والانتهازية.. فتتحوّل الحكاية إلى هذيان عصابي يكشف عن مساحة اللاتواصل في الحياة الاجتماعية الحديثة فالتواصل بين المرأة والرجل وكلاهما كائن بلا اسم مستحيل فهما «وجه واحد لصور عدة تحكي في مدة زمنية وجيزة حكايتنا». سخرية هذه المسرحية من النوع المخبري نجح الأسعد بن عبد اللّه في تقديمها في طقس من السخرية والمرارة.. فالرجل كائن متألم ومقهور اجتماعيا ومحبط ومفلس ينتظر اللاشيء والمرأة تعاني خيباتها وأحلامها المجهظة. في 50 دقيقة نكتشف عالما فيه الكثير من المرارة.. مرارة الحياة الحديثة بما تحمّله من كوابيس.. «فوتوكوبي» هي صورة من الحياة الحديثة التي تشظى فيها الإنسان وتحول إلى آلة بلا مشاعر.