المسلم الصائم الذي يعيش مع شهر رمضان باخلاق الاسلام الحميدة يحب لأخيه المسلم من الخير والطاعات وسائر الفضائل من الخصال الحميدة ما يحبه لنفسه فان رأى خيرا لاخوانه فرح به وسره هذا الخير، ومن كان صادقا في هذا مخلصا لاخوانه المسلمين شديد المودة والالفة كان أفضل عند الله تبارك وتعالى يعينه عند حاجته ويؤيده بنصره عند ضعفه. ولقد روى الامام أبو داود بسنده عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال رسول الل ص: «إن من عباد الله أناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الانبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله، قالوا يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم قوم تحابوا بروح الله على غير ارحم بينهم ولا أموال يتعاطونها فو الله ان وجوههم لنور وانهم لعلى منابر من نور لا يخافون اذا خاف الناس ولا يحزنون اذا حزن الناس وقرأ: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذي آمنوا وكانوا يتقون}، وكما نرى نهى الاسلام عن الاثرة وحب الذات والأنانية لان الانسان لا يعيش بمفرده ولكن خلق في الحياة ليكون دعامة من دعائم الخير يشع فيه نور الايمان الذي يملأ القلب حبا وصفاء ومودة ونقاء وهذا ما يجب ان يكون عليه المسلمون في ايام رمضان يغرسون اواصر المودة والالفة فيما بينهم وينزعون الصفات الذميمة التي تفرق ابناء الاسلام. وتمزق صفوفهم وكما نهى الاسلام عن الاثرة في رمضان امرنا بالايثار وتدرج الاسلام بالمسلم من الحب الصادق الخالص الذي يؤلف بين قلوب المسلمين في هذه الأيام الى ما هو اسمى من ذلك لتظهر اشراقات الاسلام واضحة جلية في العلاقات الانسانية الى ان يؤثر المسلم اخاه المسلم على نفسه وهذا خلق حميد حث عليه الايمان لتظهر قوة الايمان في قلوب الموحدين بالله عز وجل. فلا شح ولا بخل ولا عسر ولا حرج، وانما عطاء وسخاء وتضامن واخلاص وولاء والمسلم الذي يتعود البذل والعطاء والسخاء تنبثق منه التضحية والايثار ويملأ ارجاء الحياة احسانا وبذلا ويتحلّى بالفضائل المشرقة بالتعاون والخير. فالمؤمن في رمضان كريم النفس سخي اليد جواد في العطاء يحرص على الايثار سواء بالمال او بالنفس والايثار بالمال يكون بتقديم ما يحتاجه المسلم لاخيه ولقد مدح القرآن الكريم الانصار الذي آثروا اخوانهم من المهاجرين حيث قال الله عزّ وجلّ: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} (الحشر 29). وفي غزوة اليرموك ذهب حذيفة العووي بشربة ماء ليسقي ابن عمه وهو يقول: إن كان به رمق سقيته فوجده بين الحياة والموت، فقال له: اسقيك فأشار له برأسه أي نعم ثم رأى رجلا بجواره يتأوه فأشار الى ابن عمه ليذهب بالشربة الى ذلك الرجل وهو هشام بن العاص، فلما هم هشام ان يشرب سمع ثالثا يتأوه فأمر الساقي ان يذهب اليه بالماء فلما بلغه الساقي وجده فارق الحياة فعاد الى هشام فوجده قد مات فعاد الى ابن عمه فوجده قد مات وهكذا ضرب السلف الصالح أروع الامثلة في الايثار والتعاون.