ان فريضة الصيام تنقي المسلم الصادق من الرذائل النفسية والآفات السيئة ومن الأنانية والاثرة وتسمو به الى حياة فاضلة تتلاقى فيها المعاني النبيلة والمثل الحية والقيم الرائدة، وتأخذ بنا الى حياة الود والتآخي حتى تظل علاقة المسلم بأخيه ثابتة المبدأ مستمرة العطاء وأيام رمضان ثرية بالخير مليئة بالفضل تظلل المسلمين بالاحسان التام. والفضائل المتدفقة فلا تكون الاخوة لزمن خاص فيه من المال والجاه ما يبتغيه حتى اذا فقد شيئا من هذه الامور انقطعت العلاقات وانطفأت معاني الحب والقرب بين المتآخين، ان اخلاق المسلم ثابتة على عطائها ووفائها لا تبدل لمنفعة ولا تتغير لعلة ولا تزيد لحاجة من حاجات الدنيا لان علاقة المسلم بأخيه ليست علاقة مبنية على المادة والمال والدنيا بل انما هي رابطة الايمان الخالصة لله العلي القدير. وعندما تكون رابطة الحب خالصة لوجه الله عز وجل فإن الله سبحانه وتعالى يرفع درجة المتحابين فيه الى درجة عالية رفيعة والصيام ينقي روابط الحب والقرب من الاغراض الهابطة والاسباب الرخيصة ليقوي المجتمع الاسلامي في علاقاته الانسانية على اساس الاخلاص لله وحده ولن يشعر المؤمن بحلاوة الايمان الا اذا كان حبه نقيا خالصا لوجه الله عز وجل لا يؤثر نفسه على غيره. ولا يميز شخصيته على الآخرين، فلقد روى الامام مسلم بسنده عن انس عن النبي ص : ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإمان، من كان الله ورسوله احب اليه مما سواهما، وان يحب المرء لا يحبه الا لله وان يكره ان يعود في الكفر بعد ان انقذه الله منه كما يكره ان يقذف في النار» وشهر رمضان يوطد محبة المسلم لأخيه المسلم الى ان يصبح كأنه جزء منه فلا يميز نفسه ولايرضي لنفسه لأخيه بما هو ادنى منه، وإنما يريد له ما يريد لنفسه تماما ويحب له ما يحبه لنفسه، وتلك سمة كمال الإيمان، ولقد قال سيدنا رسول الله ص : «لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه» رواه البخاري.