(حديث مرفوع) أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ الدَّرَجِيِّ ، قال : أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الصَّيْدَلانِيُّ ، قال : أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ : قال : أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ ، قال : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُنْدَارِ بْنِ إِسْحَاقَ الشَّعَّارُ ، قال : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ ، قال : حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ ، قال : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عن عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ ، قال : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ اللَّخْمِيُّ ، قال : حَدَّثَنِي أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ ، قال : سمعت أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ ، يُحَدِّثُ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قال : " إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا ، وهَوًى مُتَّبَعًا ، ودُنْيَا مُؤْثَرَةً ، وإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ ، فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ ، ودَعْ أَمْرَ الْعَوَامِ ". رواه أَبُو داود ، عن أَبِي الربيع الزهراني ، فوافقناه فِيهِ بعلو . وأخرجه البخاري ، والترمذي من حديث ابْن المبارك ، فوقع لنا بدلا عاليا ، وقال الترمذي : حسن غريب . ورواه ابْن ماجه ، عن هشام بْن عمار ، عن صدقة بْن خالد ، عن عتبة ، وفي روايتنا هَذِهِ اختصار . هذا حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهومن جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم, عبر فيه بكلمات قليلة عن معاني غزيرة, وقد تحدث فيه عليه الصلاة والسلام عن أهم مواصفات الجماعة التي لا يمكن للفرد المسلم أن ينتمي إليها, لما أصيبت به من ظواهر مرضية خطيرة, وقد حددها الرسول صلى الله عليه وسلم في أربعة صفات خبيثة, ويمكن أن نلخصها في : 1 - انتشار ظاهرة الشح في صفوفها 2 - سيطرة هوى النفس على أفرادها 3 - إيثار أفرادها الدنيا على الآخرة 4 – الاستبداد الفردي بالرأي في صفوفها وغياب العمل الشورى داخلها وهذه الجماعة التي تنعدم فيها مقومات العمل الجماعي القادر على إصلاح المجتمع والنهوض به يمكن للفرد أن يعتزلها, ويبقى بعيدا عنها, محايدا مستقلا بذاته يساهم من موقعه كفرد في إصلاح المجتمع, كلما استطاع إلى ذلك سبيلا, وبضدها تتميز الأشياء كما يقولون أي بالمقابل يمكن للفرد الانتماء للحزب أو الجماعة التي تتحلى بالصفات المقابلة لتلك الصفات التي ذكرها الحديث ان وجدت ويمكن أن نلخصها في : 1 - انتشار ظاهرة البذل والعطاء في صفوفها 2 - الالتزام بأحكام الشرع وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم لدى أعضائها 3 - إيثار أفرادها للآخرة على الدنيا واعتماد الاقتصاد والوسطية في كل معاملاتها 4 - اعتماد الشورى في كل مناشطها وفي اتخاذ قراراتها ونعرض هنا لتلك الصفات بالشرح والتفصيل فأول ظاهرة يمكن أن تصيب بمقتل تلك الأحزاب والجماعات ظاهرة الشح والبخل لا في بذل المال فقط بل في بذل الجهد في أي عمل ينهض بتلك الجماعة أو الحزب ويعود في الأخير على المجتمع بالتطور والازدهار. والجماعة وأي جماعة تحتاج في عملها حتى تقوم بمهامها على أحسن وجه إلى المال الذي يتبرع به أعضاؤها, فالمال قوام الأعمال كما يقولون, ولا يمكن أن تتحقق تنمية على جميع الأصعدة لأي عمل جماعي إلا بالمال, وان ما يميز الحركات والأحزاب الإسلامية عن غيرها من الأحزاب, ما يمتاز به أنصارها من روح البذل والعطاء التي يتحلون بها في الشدة والرخاء, رغم المحن والإحن, فالكرم والسخاء ميزة من ميزاتهم, وقدوتهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى كان أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان, وقد وصفه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهبالريح المرسلة, فهو صلى الله عليه وسلم في سرعة سخائه و جوده وكرمه أسرع من الريح المطلقة, وكان صلى الله عليه وسلم يعطى عطاء من لا يخشى الفقر, وقد علمه ربه سبحانه وتعالى أن الإنفاق يخلف الرزق قال تعالى في سورة سبأ آية 39 ((قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُوَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)) أخي المؤمن ماعندك ينفد وما عند الله باق, فاقرض الله قرضا حسنا, تجده في سجل حسناتك أضعافا مضاعفة, وكن حريصا على أن تكون قدوة لإخوانك في البذل والإنفاق, فدعوة الحال كما يقول المتصوفة أهم من دعوة المقال, فلا تبخل على عيالك, ولا تبخل بالمال والجهد على حركتك أو حزبك ولا تبخل بالمال والجهد على شعبك, وانفق مما جعلك الله مستخلفا فيه, ولا تخش الفقر فالله يخلفك وهو لا يخلف الميعاد وكن كأبي الدحداححينما نزل قولاللهسبحانه وتعالى :((مَن ذَا الَّذِييُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ))فقام من فوره إلى حائطله (بستان) كانت به زوجتهوابنهفقال لزوجتهقومي يا أم الدحداح عن هذا فهو ليس بملكنا الآن فلقد بعناه ، ويروى عنه أنه رضياللهعنه كان في يدابنه تمرة يأكلها فأخذها منه ووضعها في مكانها وقال هذه ليست من حقنا الآن ..... فما أعظم هؤلاء الرجال ... وما أعظم تربيتهم((مَا عِندَكُمْ يَنفَدُوَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ)) (يتبع)