من مربّع إلى مربّع تنتقل الأزمة الليبية التي تستعصي حتى الآن على حلّ جذري توافقي يوفر أرضية لمخرجات يقبل بها كل الفرقاء. وبين الفترة والأخرى تجدّ تطورات يتفاءل بها الليبيون ويرون فيها نقطة ضوء في طريق طويلة مظلمة دخلتها البلاد منذ سنوات. لكن سرعان ما تأتي هزّات وخلافات تذهب ببارقة الأمل وتعيد الأزمة إلى مربعها الأول. وعلى هذا الدرب طالعتنا أمس أخبار سارة لكامل أبناء الشعب الليبي. أنباء حملت أصداء اتفاق عقد في القاهرة برعاية مصرية بين الطرفين الرئيسيين على الساحة الليبية. أحدهما رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وهو الذي يحظى بدعم أممي وإقليمي ويعد أحد أبرز اللاعبين على الساحة الليبية. والآخر، المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي والمسيطر على الشرق الليبي والذي يحظى بدعم مصري واضح ويصر على لعب دور في ليبيا الغد من خلال دخول غمار الانتخابات التي ستجرى في مستقبل منظور. الاتفاق بين الطرفين يقضي بأن يكون الدبيبة رئيسا للحكومة الموحدة المزمع تشكيلها مقابل تخليه عن موقفه السابق الذي كان يقطع الطريق على دخول المشير حفتر الانتخابات وذلك من خلال السماح بإقرار قوانين انتخابية تسمح لمزدوجي الجنسية وللعسكريين بالاشتراك في العملية الانتخابية وهما الشرطان اللذان كانا سيحرمان المشير حفتر من خوض الانتخابات المقبلة. هذا الاتفاق الذي ينهي اقصاء حفتر يفترض أن يتم تقنينه وتعميمه ليشمل كل الفرقاء الليبيين حتى يؤسس لمرحلة جديدة تستند إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية لا إقصاء فيها وتفتح طريق التنافس الديمقراطي أمام الجميع وبخاصة سيف الاسلام القذافي الذي يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط التي كان ينتمي إليها نظام العقيد الراحل الشهيد معمر القذافي. والذي سيكون حرمانه من دخول العملية الانتخابية كما تخطط له بعض الدوائر الغربية عنصر طعن في العملية الانتخابية برمتها وكذلك ضربا لمصداقية هذه العملية التي يرجو الشعب الليبي أن تكون نزيهة وشفافة وديمقراطية وخالية من كل الشوائب.. حتى يمكن الاستناد إلى نتائجها وفتح صفحة جديدة في تاريخ ليبيا.. صفحة قوامها التوافق والوئام وتؤسس لتجربة سياسية ديمقراطية مستندة إلى الشرعية ونابعة من إرادة الشعب الليبي. اتفاق القاهرة بين الدبيبة وحفتر توازيه مفاوضات أخرى في المغرب الأقصى تجمع مختلف فرقاء الأزمة الليبية وتخصص لصياغة قوانين ومجلة انتخابية تجري على أساسها الانتخابات التشريعية والرئاسية وفقا لخارطة الطريق الأممية التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي في نهاية فيفري 2023.. وكل الرجاء أن يتغلب صوت العقل والحكمة على كل الهزّات والمطبّات التي تهدّد المسار برمته، والأمل يبقى قائما في ايجاد أرضية صلبة يستند إليها الحل السياسي ويحظى بقبول كافة شرائح الشعب الليبي بلا إقصاء لأي مكوّن حتى يمكن بعد الانتخابات القادمة التطلّع معا لبناء ليبيا الجديدة.. ليبيا المستقبل. عبد الحميد الرياحي
