تعيين المسؤولين المتشبعين بمعاني المسؤولية والوطنية في المناصب التي تعدّ الواجهة الأولى في خدمة صورة البلاد يعدّ عماد سياسة كل دولة تضع الصالح الوطني في سلم أولوياتها خاصة إذا ما تعلق الأمر بالقناصل والسفراء الذين يقع على عاتقهم مهام جسيمة في خدمة صورة تونس ورعاية مصالحها خارجيا ومزيد توطيد العلاقات بين دولة الاعتماد والدولة المركز والبحث عن أسواق جديدة وفرص اقتصادية هامة لدعم الاقتصاد الوطني. و تشكو تونس على هذا المستوى عددا من الشغورات في جملة من المراكز الديبلوماسية والقنصلية في عديد العواصم العالمية حتى الكبرى منها رغم الحاجة الأكيدة في هذه المرحلة بتمظهراتها السياسية والاقتصادية إلى ديبلوماسيين محنكين من ذوي الخبرة والماسكين بملفاتهم لخدمة مصلحة تونس الفضلى على أن يتم اختيارهم وفقا لمبدإ الكفاءة لحساسية العمل الديبلوماسي من جهة ولوضع حد لسياسات أعلت من شأن الولاءات والانتماء الحزبي بما خلّف ضعفا فادحا في تسيير الديبلوماسية التونسية منذ 2011 ، من جهة أخرى. ولا ريب أن عملية سدّ الشغورات الديبلوماسية مرحلة دقيقة تستوجب معايير صارمة ودقيقة لاختيار الأكفأ والأفضل وأصحاب التجربة والحنكة ممن خبروا العمل الديبلوماسي في أروقة وزارة الخارجية وهو الملف الهام الذي يجب أن يعمل عليه وزير الخارجية نبيل عمار من خلال ضبط القائمة النهائية للسفراء والقناصل الذين سيتم تعيينهم في العواصم التي تشهد شغورا وعرضها على رئيس الجمهورية قيس سعيد للمصادقة عليها وتكليفهم رسميا. أولى الخطوات في هذا المضمار انطلقت منذ أول أمس الخميس من خلال تكليف السادة فرهد خليف سفيرا فوق العادة بالدوحة وواصف شيحة سفيرا فوق العادة ببرلين والصحبي خلف الله سفيرا فوق العادة ببروكسيل وعادل العربي سفيرا فوق العادة ببكين خلال موكب رسمي بقصر قرطاج أين تم تأدية اليمين وتسليمهم أوراق الاعتماد للانطلاق في مباشرة مهامهم في هذه العواصم التي تشكّل أهمية بالغة بالنسبة لتونس باعتبارها من عواصم الصنف الأول لدول لها علاقات كبرى واستراتيجية مع بلادنا تستوجب تدعيمها وحسن توظيفها لخدمة المصلحة الفضلى للبلاد. هذه التسميات في هذه العواصم بالذات لها من الأهمية بمكان وسدّ الشغورات فيها بالذات كان أمرا عاجلا لا يحتمل التأجيل لدول مثل الصين وقطر وألمانيا وبلجيكا بالنظر لحجم العلاقات التي تجمع تونس بهذه الدول وللوقع الديبلوماسي لدى دول الاعتماد ببقائها مدة طويلة دون سفير الذي قد يفهم منه وجود انطباع بموقف ما من الدولة التونسية إزاء تلك الدولة لأن العرف الديبلوماسي السليم يقتضي تعيين سفراء في العواصم التي تجمعها بالدولة التونسية علاقات تاريخية ووطيدة أو بدولة نبحث عن تطوير علاقاتنا معها في عالم متجه نحو متغيرات استراتيجية وعلى رأسها الصين. ويبقى من الضروري اليوم استكمال مرحلة سدّ الشغورات في بقية الخطط والمواقع حتى تعمل الديبلوماسية التونسية بكامل محركاتها مع ضرورة وضع استراتيجية واضحة لتطوير العلاقات في جوانبها الجيوسياسية وخاصة تفعيل الديبلوماسية الاقتصادية لجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في ظرفية يعتبر الاقتصاد مشغلها الأول وهو ما يقتضي سفراء فوق العادة فعلا لا قولا في الكفاءة والحنكة والإلمام بالملفات. هاشم بوعزيز