كشفت بيانات البنك المركزي الصادرة اليوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2023 ارتفاع حجم الأموال المتداولة خارج الجهاز البنكي والمتكونة من الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة (القطع النقدية) الى مستوى قياسي عند 17.700 مليار دينار قبل سنة خلت مما يعني تسجيل زيادة بقيمة 1.936 مليار دينار وبنسبة 10.94 بالمائة. ويشير تسجيل هذا التطور للنقد المتداول خارج القطاع البنكي الى تواصل تداعيات ظاهرة التضخم لا سيما في بعده النقدي، من ناحية وتواصل المعاملات المالية خارج الجهاز البنكي والمالي المنظم في الاقتصاد الموازي، من ناحية أخرى. وبينت معطيات مؤسسة الإصدار، في نفس السياق، ارتفاع الحجم الإجمالي لإعادة تمويل البنك المركزي التونسي للبنوك والمؤسسات المالية بسبب نقص السيولة الى 12.604 مليار دينار بزيادة 0.528 مليار دينار عن العام الماضي ويبقى ضخ هذه الأموال غير كاف لتلبية الحاجيات المتزايدة من السيولة باعتبار استمرار الجهاز المالي في اقراض الدولة خصوصا في شكل سندات خزينة وذلك بواقع قائم وصل الى 24.017 مليار دينار بنسبة فائدة تقارب 10 بالمائة للاقتراضات في شكل سندات طويلة المدى. هذا وما انفك العديد من الفاعلين الاقتصاديين يحثون منذ مدة السلط المالية والنقدية على ضرورة مكافحة ظاهرة تداول الأموال في الاقتصاد الموازي لخطورتها وذلك بتشجيع المبادلات عبر الدفع الإلكتروني، من جهة وبتغيير العملة وفق آليات محددة، من جهة أخرى. وتعتبر عملية تغيير العملة مكلفة نسبيا على الدولة، لكنّها توفر مرابيح كبيرة لها، خاصة في ظلّ آلاف المليارات التي تتدفق من نشاط الاقتصاد الموازي. وتتمحور آليات تغير العملة أساسا حول دعوة الدولة عموم مواطنيها إلى إرجاع الأموال التي بحوزتهم إلى البنوك لتحويلها بأخرى وذلك وفي فترة زمنية يحددها البنك المركزي، وهو ما سيجعل كبار المهربين والعصابات التي تنشط في الاقتصاد الموازي في وضعية اضطرار لإخراج أموالها وتغييرها لأنها بعد فترة لن تكون صالحة. وتتطلب هذه العمليّةّ، تقنيات وأليات خاصة، لأن المهرّبين والعصابات المالية ومن لديهم سيولة غير مقننة يلجؤون إلى طرق أخرى لعدم التفريط في أموالهم على غرار استعمالها في العملة الصعبة أو المتاجرة بالذهب الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعاره. في جانب اخر، يعتبر قطاع الدفع الإلكتروني قطاعا واعدا لمحاربة الاقتصاد الموازي وتداول الأموال خارج النظام المالي المهيكل حيث ارتفعت قيمة عمليات الدفع الإلكتروني بنسبة 44 بالمائة، سنة 2022، لتبلغ 831.3 مليون دينار، مقارنة بنحو 576.9 مليون دينار، سنة 2021، وفق نشرية حول "مؤشرات المدفوعات في تونس" أصدرها البنك المركزي التونسي الذي أكد تطور عدد عمليات الدفع الإلكتروني بنسبة 26 بالمائة لتبلغ 12.5 مليون عملية، سنة 2022، مقابل 9.9 مليون عملية قبل عام. وزاد عدد مواقع التجارة الالكترونية بنسبة 10 بالمائة ليمر من 1436 موقعا، سنة 2021، الى 1583 موقعا، في 2022. الأخبار