تعرف الكتلة النقدية المتداولة في تونس من سنة إلى أخرى ارتفاعا لافتا لأسباب عدة أهمها تضخم السوق الموازية والاقتصاد الموازي الذي بات يستحوذ على حجم هام من السيولة النقدية المتداولة في السوق ما يجعله يهدد الاقتصاد المنظم ولا سيما المنظومة المالية المهيكلة وخاصة المنظومة البنكية التي تعاني من شح واضح على مستوى السيولة ما يدفع بالبنك المركزي إلى توفير هذا النقص للبنوك عبر ضخ سيولة بلغت إلى غاية 20 أوت الجاري ما يفوق 16 مليار دينار، وهي تمويلات يقع ضخها حتى تتمكن البنوك من القيام بدورها الجوهري وهو تمويل الإقتصاد وخاصة تمويل مؤسسات القطاعين العام والخاص. وحسب مؤشرات محينة أعلن البنك المركزي على موقعه الالكتروني أن حجم الكتلة النقدية المتداولة في تونس الى غاية 20 أوت الجاري تقدر بأكثر من 13 مليار دينار، رقم اعتبره الخبير الإقتصادي وجدي بن رجب ضخم يستدعي الوقوف عنده واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من التسارع غير المسبوق للكتلة النقدية المتداولة. ارتفاع ب14 بالمائة وشرح بن رجب أن إحصائيات البنك المركزي كشفت عن ارتفاع مهول للكتلة النقدية المتداولة والتي كانت تبلغ قبل سنة، أي في 20 أوت من سنة 2017، ما قيمته 11.3 مليار دينار في حين باتت اليوم 13.032 مليار دينار أي بزيادة ب2 مليار دينار في غضون سنة، وكشف في ذات الصدد أن حجم الكتلة النقدية قد تضاعف من سنة 2011 إلى اليوم كما أكد ان نسبة ارتفاعها من سنة إلى أخرى تقدر ب14 بالمائة. وفسر بن رجب تفاقم حجم الكتلة النقدية المتداولة في بلادنا إلى إرتفاع السحوبات من البنوك ودخولها إلى السوق الموازية ما يحول دون عودتها إلى المنظومة البنكية المنظمة وهذا حسب قوله يجبر البنك المركزي على تمويل البنوك من خلال ضخ السيولة اللازمة لفائدتها حتى تتمكن من القيام بدورها في تمويل الإقتصاد. وشدد الخبير الاقتصادي أن الاقتصاد الموازي يعرف تضخما لافتا مرجحا بلوغه اليوم حوالي 65 بالمائة من اجمالي الإقتصاد الوطني لأنه بات يستوعب قسطا هاما من العملة الصعبة ما يعني أن الاقتصاد الموازي الذي يتهرب من القيام بواجبه الجبائي بات يستوعب ويتغذى من كل الأموال التي تخرج من المسالك المنظمة. وفي ذات الصدد أرجع الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان ارتفاع مستوى هذه الكتلة التي كانت مقدرة ب 5 مليار دينار سنة 2010 الى تفاقم ظاهرة الاقتصاد الموازي وارتفاع نسبة التخضم. حلول عاجلة وشدد بن رجب على وجوب توفر الرغبة السياسية من أجل مجابهة الاقتصاد الموازي وذلك عبر القضاء على المعاملات النقدية من خلال إصدار القوانين اللازمة والعمل على تفعيلها دون أي تأخير. وأبرز انه من بين الإجراءات الواجب تفعيلها أن يقع إيقاف التعامل نقدا أو أن لا يتم إعتماد أية معاملات مالية تفوق ال 400 دينار وهو قيمة الراتب الأدنى المضمون، مطالبا بوجوب استعمال الوسائل الحديثة للخلاص عبر إعتماد البطاقات الإلكترونية البنكية، مؤكدا في هذا السياق أن الإحصائيات تشير إلى أن أكثر من 5 مليون تونسي لا يمتلكون بطاقات بنكية ما يعني أن معاملات هؤلاء في غالبها تتم مع السوق الموازية، كما شدد على وجوب إستعمال الهاتف الجوال للخلاص. ومن بين الاجراءات ايضا أكد الخبير الاقتصادي على ضرورة فرض نظام الفوترة على جميع المهن الحرة. حنان قيراط