يشير رسم كاريكاتوري إلى تجوّل "بابا نويل" بين ركام المنازل في قطاع غزة، سائلا " ألا يوجد أطفال هنا"؟ ويبدو هذا الرسم مؤلما جدا لأصحاب الضمائر الحية في العالم، خاصّة إذا علمنا أن الاحتلال الصهيوني قتل ما يناهز 8 آلاف طفل فلسطيني في غزّة، في الوقت ذاته الذي ينتظر فيه أطفال "العالم الحرّ" هدايا بابا نويل. وفي خضمّ احتفالات العالم الغربي بأعياد الميلاد و ما يرافقها من صور تظهر مباهج الحياة، يعترف الكيان الصهيوني ومن ورائه الولاياتالمتحدة، بأنّه تم إسقاط حجم من القنابل يساوي ما تمّ إسقاطه من القنابل على ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية ، وكلنا يعرف أن مساحة ألمانيا هي ضعف مساحة قطاع غزة ألف مرّة. وحتى ندرك حجم جريمة الحرب الفظيعة التي تمارسها الولاياتالمتحدة وإسرائيل و كل العالم الغربي الذي دعم هذه الحرب منذ بدايتها، تعترف المنظمة الأممية للطفولة اليونيسيف، بانّ قطاع غزة بات جحيما للأطفال حيث قال جيمس إلدر المتحدث باسم منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف)، إن قطاع غزة "هو أخطر مكان في العالم للأطفال"، مضيفا أنه يوما بعد يوم "يتعزز هذا الواقع الوحشي". وأكد أن الأطفال وأسرهم "ليسوا آمنين في المستشفيات أو في الملاجئ. وهم بالتأكيد ليسوا آمنين فيما يسمى بالمناطق الآمنة". إنّ هذه الاعترافات تؤكّد ممارسة الكيان الصهيوني حرب إبادة واجتثاث للشعب الفلسطيني من جذوره. وما استهداف الأطفال و النساء إلاّ تكريس لتلك العقائد التلمودية المتطرفة التي تتبناها حكومات الاحتلال، و التي تقضي بقتل المساء و الأطفال و الشيوخ و حرق الأرض و ما عليها، وهو الأمر الذي يمارس على الأرض منذ نحو ثمانين يوما. إنّ القصص المؤلمة التي نتابعها منذ اسابيع في قطاع غزة لا تخص الطفولة فقط، بل إنها تخصّ كل معالم الحياة، حيث عمل المحتل الصهيوني على توفير كل اسباب التهجير و منع عودة السكان إلى مناطقهم لاستحالة الحياة فيها بعدما وقع تخريب كلّ شيء من مرافق الحياة الأساسية. حتى أنّ الغرب نفسه المساهم في جرائم الحرب، يعترف بفظاعة ما يحدث، إذ وصفت المفوضية الأوروبية التقرير الاممي الذي حذر من خطر حدوث مجاعة بقطاع غزة خلال الأشهر الستة المقبلة، ب"تطور خطير ينبغي أن يكون بمثابة دعوة للاستيقاظ للعالم أجمع للعمل الآن لمنع وقوع كارثة إنسانية مُهلكة" في القطاع. سيحتفل أطفال العالم بهدايا العام الجديد، وسينتظر آخرون هدايا "بابا نويل"، ولكن أطفال فلسطين و في غزة تحديدا، فكلّ أملهم أن يجدوا مكانا آمنا يلجؤون إليه، حيث يتباهى المحتلّ بأنه لا مكان آمنا في غزة و بأنه لا أحد بريء حتّى أولئك الرضّع الذي يمزقهم أشلاء. كمال بالهادي