تشير المعطيات الإحصائية الرسمية الى أنه على الرغم من حجج صندوق النقد الدولي بأن تخفيض قيمة العملة سيحافظ على احتياطيات النقد الأجنبي، الا أن الواقع كان مختلفًا تماما بالنسبة لتونس. وبدلا من تعزيز الاحتياطيات، أدى تخفيض قيمة العملة الى انخفاض كبير من 128 يوما من الواردات سنة 2015 الى 84 يوما فقط من الواردات سنة 2018. ويسلط هذا الانخفاض الحرج تحت عتبة التسعين يوما الضوء على النتائج السلبية لهذا الاصلاح الذي أماه صندوق النقد الدولي. ويؤكد صندوق النقد الدولي، في عدة مناسبات وفق عدة تقييمات أهمها تقرير صدر مؤخرا عن المرصد التونسي للاقتصاد ان مرونة سعر الصرف تساعد على تجديد الاحتياطيات من النقد الأجنبي من خال تعزيز التصدير وزيادة القدرة التنافسية ودعم السياسة النقدية. وفوق كل ذلك، فإن الحجة الرئيسية لصندوق النقد الدولي هي ان مرونة سعر الرف ستسمح بالحد من تدخلات السلط على مستوى الجهاز المالي لدعم قيمة الدينار وبالتالي تحقيق وفرة من الاحتياطيات الدولية. عموما وعلى عكس توقعات صندوق النقد الدولي، كان لتخفيض قيمة الدينار تأثري عكسي على المبادلات الخارجية تمثلت أساسا في الزيادة في الدين العمومي حيث أدى تراجع الدينار أمام العملات الرئيسية التي تشكل محفظة الديون الخارجية، وهي الأورو والدولار الى زيادة قائم الدين علاوة على ارتفاع تكلفة الواردات مما انجر عنه تفشي التضخم بسبب تحرير الدينار وتراجع قيمته، الأمر الذي يؤدي الى ارتفاع أسعار السلع المستوردة. كما أدى قرار تحرير الدينار الذي أملاه صندوق النقد الدولي إلى زيادة العجز التجاري ما جعل قيمة الدينار تنخفض بشكل أكبر علما ان تحرير الدينار، أثر كذلك بشكل سلبي على العجز التجاري، بما تسبب في تدهور الرصيد العام لميزان المدفوعات بداية من سنة 2016، وانخفاض حاد في صافي الأصول الأجنبية. يذكر انه تاريخيا، كانت سياسة سعر الصرف في تونس، التي يحددها البنك المركزي التونسي، تهدف الى تحقيق الاستقرار في قيمة الدينار من أجل الدفاع عن المصالح الاقتصادية للبلاد. وتحقيقا لهذه الغاية، اختار البنك المركزي نظام سعر رصف مدار كان هدفه الرئيسي هو تعديل قيمة الدينار مقابل سلة من العملات وكان دور البنك المركزي التونسي، بشكل عام، مهما دائما في الحفاظ على قيمة الدينار فقد تميزت السياسة النقدية لمؤسسة الاصدار بنظام سعر صرف هدفه النهائي هو الدفاع عن قيمة العملة والحفاظ على القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي في ذات الوقت. الأخبار