بشغف لا ينضب للفروسية، وبلوحات استعراضية مزجت بين عبق التاريخ والتقاليد العريقة وروح متجددة عاما بعد عام، أفتتحت مساء أمس السبت، الدورة الثلاثين للمهرجان المغاربي للفروسية بمعتمدية بوحجلة من ولاية القيروان، الذي يعد من أهم التظاهرات الثقافية في المنطقة للاحتفاء بالتراث اللامادي وإبراز الدور الحيوي للفروسية في الحفاظ على الهوية المغاربية. فقد استقبلت ساحة العرض في "بطحاء اولاد عبيد الله" ببوحجلة حشودا غفيرة من الجماهير وعشاق الخيول البربرية والعربية الأصيلة. وانطلق حفل الافتتاح بعروض "المشافات والفنتازيا" التي استعرض فيها الفرسان مهاراتهم على صهوات خيالهم، مرتدين الأزياء التقليدية في محاكاة لبطولات الأجداد، خاصة خلال فترات المقاومة ضد الاستعمار أو خلال المعارك القديمة، حيث كانت هذه العروض تُستخدم لتدريب الفرسان على المناورات العسكرية، واستعراض القوة والتنظيم أمام الأعداء. وشهد هذا العرض الافتتاحي، مشاركة فرق من بوحجلة وسبالة اولاد عسكر بسيدي بوزيد ودوز وجربة وتطاوين وقبلي وصفاقس، مما أضفى طابعًا احتفاليًا مميزًا، وسط تفاعل جماهيري كبير من أهالي بوحجلة وزوارها. كما شهد المهرجان مشاركة فرسان من ليبيا والجزائر، بما عزز بعده المغاربي وأكد دوره كجسر للتواصل الثقافي بين شعوب المنطقة المغاربية. وتضمن الجزء الثاني من عرض الافتتاح، مسابقة "سرج جلاص" التي تعتبر إحدى الفعاليات المحورية في المهرجان المغاربي للفروسية ببوحجلة، وتجسد الروح التنافسية والفخر التراثي لقبيلة "جلاص" المعروفة بشجاعتها ومهارتها الفروسية. وتهدف هذه المسابقة إلى إبراز مواهب الفرسان، وتتويج أفضل استعراض فروسي ب "سرج جلاص" المصنوع من الجلد والمطرز يدويا وكذلك كسوة الفارس، وذلك بإشراف لجنة تحكيم مغاربية. وأكد رئيس المهرجان آدم المطيراوي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن هذه الدورة تهدف إلى تعزيز الوعي بالتراث اللامادي، مع التركيز على دور الفروسية وضرورة الحفاظ عليها جيلا بعد جيل، مضيفا أن احباء الفروسية سيكون لهم موعد إلى غاية 31 جويلية الجاري، مع عديد الفقرات المتنوعة التي تستقطب كافة الشرائح العمرية. ويتضمن برنامج المهرجان جملة من المسابقات، منها سباقات الخيل السنوية بالشراكة مع مؤسسة "سباق الخيل"، ومسابقة جمال الخيول العربية والبربرية، ومسابقة الرماية والصيد البري بالتعاون مع "جمعية الصيادين /القيروان"، بالاضافة الى عرض الفروسية "المداوري". والى جانب العروض الفنية والموسيقية، يتضمن برنامج المهرجان ندوة حوارية حول "واقع قطاع تربية وسباق الخيل في تونس"، وندوة فكرية في ختام فعاليات المهرجان تحت عنوان "عروش جلاص خلال القرن 1856-1956: الخصوصيات، المنعطفات، والتحولات". تجدر الاشارة، الى أن معتمدية بوحجلة تتميز بتاريخها العريق في تربية الخيول وتأصيل ثقافة الفروسية، حيث اشتهرت عائلاتها بمهاراتها في ركوب الخيل وفنون التحدي.