مرة أخرى، يظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمخططٍ خطير يسعى من خلاله إلى تنفيذ رؤية خطيرة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بالكامل. فبعد فشل "صفقة القرن" التي لم تجد أي قبول في قلوب الفلسطينيين، يواصل ترامب محاولاته من خلال تصريحات جديدة، يسعى من خلالها إلى فرض فكرة تهجير سكان قطاع غزّة إلى الأردن ومصر، وغيرهما من الدول وهي فكرة تأتي ضمن سلسلة مؤامرات مستمرة تهدف إلى التفريط بحقوق الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم. بيد أن هذه المخططات اصطدمت بعزيمة وصمود أهالي غزّة، وأبسط دليل على ذلك هو مشاهد العودة المهيبة إلى شمال غزّة بعد التوصل إلى اتفاق لوقف العدوان. تصريحات ترامب الأخيرة ليست سوى محاولة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية بعد فشل المحاولات السابقة، مثل "صفقة القرن"، في تحقيق أهدافها. لكن الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع هي أن هذا المخطط لن يمرّ، ولن تنطلي هذه الأكاذيب على الشعب الفلسطيني الذي أثبت، مرارا وتكرارا، أنه أحرص الناس على البقاء في وطنه. غزّة، مثل الضفة الغربية، ليست مجرد أرض يعيش عليها الفلسطينيون؛ بل هي جزء من تاريخهم وحضارتهم وحق ثابت في العودة. فآلاف الفلسطينيين الذين هُجّروا في نكبة 1948، وشهدوا القتل والتشريد والدمار، ما زالوا يتمسكون اليوم بأرضهم في غزة كما لم يفعلوا من قبل. هؤلاء لا يمكن أن يكونوا رهائن لسياسات ترامب التي تحاول فرض حلول لا تمثل إرادتهم ولا تطلعاتهم. التصريحات التي تروج لتهجير الفلسطينيين من غزّة ما هي إلا جزء من سياسة الهروب من الحلول العادلة، وإعادة طرح النكبة بشكل جديد. فأهل غزّة الذين عاشوا معاناة شديدة، وتعرضوا للقصف الإجرامي، وحوصروا لأكثر من 15 شهرا، يعلمون تمامًا أن الأمل الوحيد لهم هو العودة إلى منازلهم في شمال غزّة الذي دُمر بالكامل، إلى الأرض التي عاشت فيها عائلاتهم عبر التاريخ وقد قرروا ان لا يتركوا أرضهم رغم الدمار الهائل وبقيت قلوبهم متعلقة بأرضهم، وستظل كذلك إلى الأبد. من المؤسف أن نرى بعض الأقلام التي اعتادت الوقوف مع المقاومة والشعب الفلسطيني قد صمتت إزاء هذه التصريحات الاستفزازية. هؤلاء الذين كانوا يكتبون في الماضي مقالات تدافع عن الحقوق الفلسطينية، لم يتحركوا الآن ليتحدثوا عن الحق الفلسطيني في الأرض والعودة، وهم يدركون أن الخطر على فلسطين الآن أكبر من أي وقت مضى وهو ما يجعل من صمتهم إزاء تصريحات ترامب تخاذلا لا يمكن تبريره، بل يدعو إلى الدهشة والتساؤل عن دوافع هذا السكوت. وفي الوقت الذي ينشغل فيه ترامب بمحاولات فرض واقع جديد على الفلسطينيين، يجب أن نتذكر أن مخططاته هذه ستفشل أيضا مثل مخططاته السابقة لأنها تعتمد على فرض حلول مرفوضة من أصحاب الحق... وفي العموم يجب أن يبقى الصوت الفلسطيني عاليا في وجه هذه المؤامرات ولا يمكن السماح لأي قوة، مهما كانت، بأن تضع يدها على مصير الشعب الفلسطيني المناضل والصامد وكذلك يجب أن يتحد الجميع، فلسطينيون أو عرب، في رفض هذه المخططات، والعمل على فضح كل محاولة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم لان غزّة ستبقى فلسطينية، والضفة الغربية ستظل فلسطينية، رغم أنف ترامب ومن يدعمه من المطبعين. ناجح بن جدو