سهرة افتتاح مهرجان المدينة بسليانة في دورته السادسة كانت موفقة إلى أبعد الحدود برأي الجمهور الكبير الذي تابعها. فقد تضمنت فقرتين أساسيتين أولاهما معرض الرسامة مبروكة الشرقي البرينصي. معرض صاغ الجمال والحياة في تنظيمه وتأثيثه ومحتواه إذ تضمن لوحات جمعت بين إبداع الريشة والأنامل بانسياقها في مكنون الطبيعة وخبايا التراث والإبحار في مواطن الجمال ومكامن البهاء وبين حلاوة الألوان وسلاسة الذوق ودقة التصوير والتعبير وحسن الإخراج بما يجعل منها لوحات ناطقة بالمعاني وقادرة على شد زائري المعرض بخيوط دقيقة ورفيعة والحديث معهم حول أسرار محراب الفن وقدسيته بعيدا عن لغة الكلام وفي اطار زمني يحوّل الصمت الى همس متبادل وحوار رائع ومعان ناطقة تتحسس الكمال وتغازله. في هذه اللوحات تتراىء مبروكة البرينصي برقة شعورها وإحساسها وكأنها ذائبة فيها، مازجة ألوانها بدم قلبها. ثاني فقرات سهرة الافتتاح تمثلت في حضور مجموعة الفنان أسامة فرحات الذي قاد فرقته باقتدار وشد بلمساته السحرية وبطربه الأصيل المستوحى من الموروث الحضاري التونسي والعربي انتباه الجمهور وأسبغ على العائلات دفئا لا يوصف من خلال العروض الموسيقية والألحان الشجية والتذكير بالأعمال الخالدة والأغاني الملتزمة ولوحات الرقص وفواصل الفكاهة التي أبدع فيها «الفداوي» عبد اللطيف خير الدين، ذلك الظرف الذي أحيا سيرة بيرم التونسي وأعاد ذكراه الى الأذهان فغنت فرقة أسامة فرحات من مآثره مرورا بأم كلثوم وفريد الأطرش دون إهمال لأقطاب الأغنية التونسية مثل علية وعلي الرياحي والجموسي وصليحة وحبيبة مسيكة والشيخ العفريت وغيرهم. وهناك محطات أخرى موسيقية لكريم شعيب وعلياء بلعيد وجمال الشابي وهناك عروض مسرحية مثل «يظهر لي وقيت» فضلا عن سهرة الشعر ليوم الاثنين نوفمبر التي ستجمع في اطار واحد محمد الغزي والمنصف المزغني وجميلة الماجري ويوسف رزوقة والهادي عبد الملك وعمار النميري ونجيب الذيبي اضافة الى سهرة الشعر الشعبي المرتقبة يوم الجمعة الموالي.