إصرار على المحاكمة الحضورية ... تأجيل محاكمة المتهمين في قضية التآمر على أمن الدولة 2    الإعلامي وليد التليلي في ذمة الله: وداعا «عازف الليل»    فلورونس باستي، ممثلة مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتونس وليبيا ل«الشروق»    كميات الحبوب المجمعة تتخطي 6.1 مليون قنطار    كأس العالم للأندية: التشكيلة الأساسية للترجي الرياضي في مواجهة تشيلسي    «شروق» على مونديال الأندية «مونديال الإخوة».. وإشادة مصرية ببن رمضان    النادي الرياضي الصفاقسي يعلن عن تركيبة الإطار الفني للموسم القادم    في افتتاح المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون .. فلسطين تحلق في سماء قرطاج    نابل: استعدادا للاحتفال برأس السنة الهجرية .. نابل تتزيّن ب«عرائس السكّر»    علامات خفية للجلطة الدماغية الدقيقة    للمتفوقين في البكالوريا: هذه مواعيد فتح باب التسجيل للتوجيه الجامعي    هيئة السّلامة الصّحية بالمنستير تدعو لعدم شراء الأسماك من خارج المحلات المراقبة    وزارة الخارجية تعين الوزير المفوض خارج الرتبة صلاح الصالح رئيسا لبرنامج العمل القنصلي    كأس العالم للأندية : التعادل يحسم مباراة بوكا جونيور و أوكلاندا سيتي (فيديو)    أين وصلت الاستعدادات لتنظيم اليوم الوطني لتونس في 'أكسبو أوساكا 2025 'باليابان؟    تعزيز الربط الجوّي مع دول عربية    وزارة الشؤون الخارجية تعين الوزير المفوض خارج الرتبة صلاح الصالحي رئيسا لبرنامج العمل القنصلي وتفتح 17 مناظرة داخلية بالملفات    خبير يدعو إلى مراجعة سياسات قطاع زيت الزيتون والانفتاح على أسواق جديدة    عاجل/ كمين غزّة: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الاحتلال وآخرين مفقودين    تونس/فرنسا: توقيع مذكرة تفاهم في قطاع الطيران    قبل مباراة الترجي ضد تشيلسي.. فيفا يضاعف عقوبة جاكسون ويستبعده من مواجهتين حاسمتين    بورصة: إتفاق على مستوى المبدأ لقبول أسهم "تأمينات البنك الوطني الفلاحي" بالسوق الرئيسية    تعاون تونسي مصري لتأمين الأدوية والتجهيزات الطبية    توزر: تقدّم هامّ في أشغال إعادة تهيئة وحدتين سياحيتين مغلقتين بتوزر وتمغزة وتوقّعات بافتتاحهما مع بداية الموسم الشتوي    عاجل/ ولاية تونس: على المُنتصبين عشوائيا الالتحاق بهذه المواقع غدا    الليلة: السماء قليلة السّحب والبحر هادئ    وزير التربية يزور مركز اصلاح امتحانات شهادة ختم التعليم الاساسي ويدعو ال ضمان مبدأ تكافؤ الفرص    عاجل/ ترامب يحسمها بخصوص تغيير النظام في إيران    رئيس الدولة للجيش الوطني: أنتم سدّ منيع وجدار صلب.. #خبر_عاجل    افتتاح معرض "الأسبو" للتكنولوجيا والتجهيزات وسوق البرامج على هامش الدورة 25 لمهرجان اتحاد إذاعات الدول العربية    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الإعلامي وليد التليلي    الأمين السعيدي روائي ام فيلسوف؟    بدّل طريقة تفكيرك.. تتبدّل حياتك! كيفاش يكون التفكير الإيجابي سرّ نجاحك؟    التشكيلة المحتملة للترجي في مواجهة تشيلسي.. #خبر_عاجل    المنتخب التونسي للكرة الطائرة فتيات دون 19 سنة يتحول يوم 30 جوان الى صربيا للمشاركة في بطولة العالم 2025    تحذير صحي: لماذا يجب التوقف فورًا عن استخدام الهاتف في هذا الوضع اليومي؟    هذا ما سيحدث لجسمك إذا توقفت عن التدخين لمدة 7 أيام فقط!    المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون: افتتاح معرض للتكنولوجيا والتجهيزات وسوق البرامج    الرابطة الدولية للنشر المستقل تعلن من تونس عن "خارطة السياسات العمومية للكتاب في العالم العربي"    الجزائر.. تفكيك شبكة لتزوير التأشيرات الأوروبية    هذا ما يفعله تخطّي وجبة الإفطار لاجسامنا..    عطلة بيوم بمناسبة رأس السنة الهجرية    جندوبة: محمد أيوب ورغي يتحصّل على أعلى معدل في شعبة علوم تجريبية    موقف تونس الديبلوماسي مبدئي و يدين كل الاعتداءات التي تطال البلدان الإسلامية (النفطي)    إيران: اعتقال 6 جواسيس في همدان    ترامب: لست راضيا عن إسرائيل ولا عن إيران    العراق يفتح الأجواء أمام حركة الملاحة الجوية الدولية    نوفل الورتاني يعود إلى موزاييك أف أم مديرًا للبرمجة ويطلق برنامجًا جديدًا    9 آلاف لدغة عقرب في تونس خلال سنة فقط: أحمي روحك ودارك قبل فوات الأوان!    غدا.. تحرّي هلال شهر محرم…    بلاغ هام لوزارة المالية..#خبر_عاجل    ''الكونترول'':كيف تعرف المواد التي يجب عليك إعادتها في دورة المراقبة؟    دولة عربية تدخل في سباق لاستضافة مونديال الأندية 2029    حريق يأتي على 5 هكتارات بمنطقة جرادو بزغوان..وهذه حصيلة الأضرار..    بداية من اليوم: الانطلاق في رش المبيدات بالطائرة بهذه المناطق في ولاية تونس    في الصّميم .. تونس.. الترجي وأمريكا    أولا وأخيرا: «باي باي» أيها العرب    أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين السعيدي روائي ام فيلسوف؟
نشر في الشروق يوم 24 - 06 - 2025

السياسة والدين، المجتمع والصراع الطبقي،الحرية والجسد، الخير والشر
ثنائيات تقود تجربة روائية ثائرة على كل قديم.
الرواية هي فن طرح الاشكاليات حول الانسان بما هو كائن مركب نفس وجسد، قلب وعقل، ذاكرة فردية وجماعية؛ ذاكرة إنسان محمل برواسب التجارب ومغامرات رحلة في المكان والزمان.
وهذا ما ارتبط عادة بالشخصية الرئيسية في كل رواية من روايات الأمين السعيدي،أما الجماعية فهو العقل السائد القائم على النمطية والانسجام مع المفاهيم الاجتماعية في المدينة والريف وفي كل بقاع الكون بإختلاف الأجناس والأعراق والاديان.
في تداخل بين فن الرواية القائم على الابعاد الجمالية ودقة الفلسفة في رصد الفكرة وطلب الحكمة
يخرج نص الروائي التونسي الأمين السعيدي إلى المتلقي على غير مناهج النصوص الأخرى،إنه يفتح فتحا جديدا في عالم الرواية فيقودنا الى قضايا اجتماعية ودينية وجنسية وسياسية محورها الانسان باضطراباته في علاقته بذاته وبالأخر.
إن عمق البحث في بواطن الانسان هو دليل على قدرة الكاتب العجيبة على سبر الأغوار طلبا للحقيقة المتمثلة في هذا الاختلاف العجيب الذي يحكم الناس في البنية النفسية، فما يسعد فرد يمكن أن يكون مصدر شقاء للأخر
وما يحرر مجموعة من الأفراد يمكن ان يكون مصدر عبودية لمجموعة 0خرى، وهنا يمكن أن نستحضر الحب والحرب والنجاح والفشل...
هذه المفاهيم التي حضرت في روايات الاستاذ الأمين السعيدي فكانت فاعلة في الأحداث، مؤسسة لملاحم وبطولات، وهزائم ونهايات مأساوية.
ارتبطت جل الاحداث في روايات الأمين السعيدي بشخصيات لها مكانتها الاجتماعية في نظر تلك المجموعة التي تحيط بها، فالمثقف يختلف تعريفه من بيئة الى أخرى والفيلسوف والأديب والتاجر والطبيب كلها مفاهيم تختلف قيمتها بإختلاف المكان والزمان وهذا يحيلنا على الوعي العميق بالتحولات التي تحدث في الانسان والحياة العامة باختلاف الأزمنة.
انطلقا من كل هذه النقاط تتبين لنا قدرة الروائي التونسي الأمين السعيدي على إستيعاب كل الفنون والعلوم داخل النص الروائي، فعلم النفس وعلم التاريخ وعلم التشريح وعلم الانتروبلوجيا والرياضيات و حتى الاستدلالات الهندسية ما هي الا إجزاء من هذا الجنس الادبي المعقد ألا وهو الرواية.
تعد مسيرة الأمين السعيدي الادبية، مغامرة روائية فلسفية دقيقة منذ البداية ومع أول رواياته وهي "ضجيج العميان" التي صدرت سنة2018 هذا العمل الذي كشف فلسفة الأمين السعيدي وقدرته على الجمع بين الرؤية الفنية والرؤية العلمية وهذا أهم شروط الرواية المعاصرة.
في رواية "أحبها بلا ذاكرة" لم تكن شخصية"عفاف" مجرد أمرأة وانما هي عوالم من الرؤى الوجدانية والفنية التي تحسن استخدام القلب فتضفي جمالا على الأمكنة كل ماحلت بها، فالقرية قبل زيارة عفاف لها مختلفة عن ما بعد الزيارة والقصر الرئاسي وكلية الأداب كذلك والطرقات التي تجوبها عفاف.
وشخصية "سارة" التي كانت محور الأحداث ومنطلق الحب في إرتباط وثيق بين عتبة العنوان والذاكرة التي تحكمت في تفاصيل الأحداث، فسارة كانت خلاصة الإبداع والحكمة في قدرة الروائي على الجمع بين الرومانسية والواقعية والابعاد الفنية والفكرية.
سارة كانت كذلك جناح اللغة الساحرة والمشاهد المدهشة في رواية "أحبها بلا ذاكرة" أما شخصية "عدنان"فهي شخصية السياسي الفيلسوف المتهكم،الثائر على كل قديم المؤسس لمناهج ونظريات جديدة تقطع مع السائد وهي الشخصية التي ارتبطت بها النظرية الجديدة التي أحدثها الروائي الأمين السعيدي وهي:"ضرورة أسبقية الحرية عن الحلم"
حتى تكون انجازاتنا واختياراتنا نابعة عن فكر حر تجعل الانسان له خصوصيته وميزاته عن المحيطين به.
وعدنان شخصية تنقد ذاتها باستمرار وتشك في المسلمات وحتى القناعات الشخصية من أجل بلورة فكرة جديدة داخل مجتمعات نرجسية تؤله "الآنا"و تسقط من قيمة الأخر، فلا أحد يعترف بأخطاءه فكان "عدنان"شخصية التميز، يصيح في الشوارع" هذا شري،أما خيري فقد ذهب مع سارة المعلمة" وقد اسقط عدنان مشروعه السياسي بعد التفطن لعدم جدوه رغم إنه تمسك به لعقود.
في رواية "مدينة النساء"
كانت "فاطمة" نموذجا للجمال الباطني لنقاء روحها وتمسكها بالحب الذي ورثته عن أمها و المبادئ والحكمة التي ورثتها عن والدها الفيلسوف
فكانت المرأة في رواية مدينة النساء للروائي التونسي الأمين السعيدي إمرأة فاعلة مؤثرة،عميقة منتجة
وقد إنتهى بها المطاف لتأسيس مشروع سياسي، لتحكم مجموعة من النسوة أين إنتشر العدل والحرية والجمال وكانت المرأة مختلفة عن تصورات القدامى فهي مفكرة بالاساس.
المرأة في أعمال الأمين السعيدي هي رمز للحضارة والجمال وهي التي إقتحمت كل المجالات وثارت على العوائق والسلطة وقيود المجتمع.
في رواية "ظل الشوك" يذهب بنا الروائي التونسي الشاب الأمين السعيدي إلى مواضيع اخرى مرتبطة بالعرق والتاريخ والاديان والاديولوجيا ولعل الاحداث السياسة والاجتماعية في تونس في تلك الفترة كانت دافعا لطرح هذه المسائل برؤية فيلسوف يحسن بدقة قراءة الواقع التونسي والعربي والعالمي
فظل الشوك صدرت سنة2020 تزامنا مع إنتشار الوباء "كوفيد19"
وانتشار الفساد واستفحاله في منظومة الحكم في تونس.أما رواية "المنفى الأخير"
فهي انعتاق ذهني من الفساد والعبودية والركود والجفاف قادته شخصيات:(النور، وردة، السلطان...)
إن مسيرة الروائي الأمين السعيدي في الرواية هي مسيرة فيلسوف يثور على القديم ويؤسس لمفاهيم جديدة في الاسلوب واللغة والطرح وهي إنعتاق من الموروث الفكري والسياسي والأدبي بما يحمله من خرافات وانشداد للقديم وغرق في السائد وهو ماجعل الروائي التونسي الأمين السعيدي أحد أهم الروائيين المعاصرين في العالم
وقد ترجمت رواياته الى عديد اللغات وتدرس بأكبر وأعرق الجامعات، وأثارت روايات الأمين السعيدي جدلا واسعا بين النقاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.