فجأة فتحت الزنزانة التي يقبع فيها الرئيس العراقي صدام حسين بعد عزلة مطولة.. غير ان هذا لا يعني ان الأمريكان فتحوا قلوبهم للشعور الانساني ولا هم استجابوا لما تنص عليه اتفاقيات جينيف... لقاء المحامي بالرئيس الأسير تم بدون علم أو تنسيق مع حكومة علاوي التي لا تحكم شيئا... هذا قرار أمريكي وأظنه يخضع أساسا للمصلحة الأمريكية... المتورطة في جحيم العراق... أمريكا التي شطبت تهمتين من التهم السبع الموجهة لصدام حسين.. أمريكا التي أعدّت ملفا يضم 85 ألف صفحة ويزن 36 طنا لمحاكمة صدام وكبار معاونيه.. ولو سألتم أي خبير بشؤون القضاء لقال بلا تردد إن ملفا كهذا يعني امتداد المحاكمة لسنوات عديدة لتتمكن كل الأطراف من الاطلاع عليه... قد يكون «الادعاء الكاذب» في أسلحة الدمار الشامل شاطرا في جمع كل هذه الأوراق بقطع النظر عن صدقيتها ولكن ورقة واحدة تزن جزئيات من الغرام الواحد قادرة على اسقاط 36 طنا من الأوراق... لأنها تنص على عدم شرعية الحرب على العراق وعلى عدم شرعية الاحتلال وعلى عدم شرعية محكمة تحت الاحتلال... وكل ما هو مبني على باطل فهو باطل. ولكن من يحاكم من؟ الغالب يكتب تاريخ المغلوب الى حين.. فالقوات الأمريكية التي تخوض حربا ظالمة وغير نبيلة دمرت بلدا.. دمرت حضارة.. دمرت المؤسسات.. دمّرت التاريخ.. دمرت حياة الناس.. قتلت وشوهت وعذبت في سجون «الحرية».. كذبت على العالم.. أعادت العالم الى عهود الاستعمار.. هي واسرائيل في خندق واحد.. بضرب العراق واحتلاله أرهبت الدول الصغيرة وعزلت نفسها عن الدول الكبرى.. تقصف المدنيين بالطائرات وتستكثر على المقاومة استعمال القنابل البدائية.. جرّبت في العراق كل أنواع الاسلحة وكل أنواع التمويه والمغالطة.. غير أن الدبابة لا تتراجع الى الوراء.. والدبابة ساكنة في عقول المخططين لهذه الحرب القذرة.. استنفدوا ذخيرتهم البشرية من العملاء العراقيين.. وكلما ذهب جلبي وجاء غيره ولما يستنفد أغراضهم سيرمونه جانبا.. ولم يبق لهم الا ان يفاوضوا حملة السلاح... هم الأقدر على تحرير العراق والمفارقة الغريبة هو أنهم الأقدر على تخليص الادارة الامريكية من ورطتها... قد يرى بوش هذا وقد لا يراه.. ولا اعتقد انه سيراه هذه الايام لأن نظره مركّز على صورته في غلاف مجلة «تايم» التي قالت أنه «رجل العام».. ولم تقل ما هو لون العام.. وخاصة وأن بوش يضع رجليه في حذاء عسكري.