إن المتأمل في ممارسات الكيان الاسرائيلي هذه الايام يلاحظ ان هذا الكيان يزداد تعنتا وهروبا الى الامام كلما ازداد الحديث عن السلام حيث اظهرت «السياسة الشارونية» بوضوح النتيجة التي يمكن أن تفضي إليها شروط التفاوض حين تأخذ رؤية شارون العسكرية كامل مداها للافلات من قرارات الشرعية الدولية واستخدام طاقات السلاح بديلا لها في خدمة سياسته الاجرامية. فقد أثبتت الوقائع الاخيرة في ظل ارتفاع بعض الاصوات التي رأت في رحيل «العقبة» عرفات فرصة لتحقيق السلام النوايا الحقيقية التي يبطنها «رجل السلام» الذي «اندسّ» وسط هذه «الضجة السلامية» ليمارس حماقاته بحق الشعب الفلسطيني وليواصل مجازره الدموية التي توجها بمبادرة الانسحاب من قطاع غزة في خطوة مفضوحة للتغطية على مجازره هذه ولاظهار كأن تحوّلا ما قد طرأ على سلوكه أن سياسته قد تشهد منعطفا جديدا في حين أن الوقائع تكشف بجلاء أن «جزار صبرا وشاتيلا» لا يسعى الى احداث منعطف وانما اعتمد «خدعة جديدة» لادارة الصراع تسهّل عليه «خنق» الضفة والقطاع وتمكنه من كسب بعض الوقت على حساب الجانب الفلسطيني لتحقيق اهدافه التوسعية. على أنه لا يخفى على أحد ان من اول هذه الاهداف التي يسعى شارون الى تحقيقها من وراء خدعه هذه هو شق الصف الفلسطيني والعمل على اجهاض المقاومة الفلسطينية خاصة بعد ان وجد من هم على استعداد للتعاون معه في تنفيذ مخططاته... وإذا ما اضفنا الى ذلك مناورة الانسحاب التي بات من الواضح انها تستهدف تحويل غزة الى «سجن كبير» وتُؤدي الى «تكديس» المستوطنين في الضفة فإن الصورة تصبح اكثر وضوحا بحيث ان الامر قد لا يقتصر فقط على غزة والضفة وانما يتعداهما ليستهدف في النهاية اجهاض مبدإ قيام الدولة الفلسطينية التي نصت عليها قرارات الشرعية الدولية وبالتالي اجهاض حلم الشعب الفلسطيني الذي ناضل لعقود من الزمن من أجل تحقيق هدفه باقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. وعليه فإنه قد بات ضروريا اليوم قبل أي وقت مضى التصدّي لمثل هذه المخططات والعمل على «لجم» الغطرسة الاسرائيلية حتى لا تتحول «فرص السلام» هذه الى فرص «لبيع اوهام» جديدة للشعب الفلسطيني تؤدي في النهاية الى الالتفاف على قرار قيام الدولة الفلسطينية وشطبه... كما يبقى الأمل ايضا في ان تتوفق المقاومة في امتلاك مقوّمات الصمود والنجاح في صياغة سليمة لتوجهاتها... صياغة تحول دون انحرافها عن هدفها الاسمى.