تونس الشروق على الرغم من ثراء جدول أعمال الدورة السابعة عشرة للمؤتمر العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) بالمواضيع الفنية الدقيقة. وقد انعقد المؤتمرالعام على مستوى وزراء التربية بالبلدان العربية إلا أن ذلك التجمع الهام والذي واكبته شخصيات عربية وعالمية هامة طرح على مختلف منابر الحوار التي انتظمت في اطاره، تساؤلات وأفكارا عديدة بشأن قضية أساسية تشغل بال العرب. في كل المستويات. وهي خاصة مسألة الاصلاح، فقد كان هذا الهاجس حاضرا في تدخلات المسؤولين العرب وفي نقاشاتهم وكذلك في كلمات ضيوف الدورة وخاصة المدير العام لليونسكو كويشيرو ماتسورا الذي دعا العرب صراحة الى الاصلاح وإلى العمل أكثر في مجال التعليم وخاصة تعليم البنات. باعتبار ذلك من أولويات الإصلاح... وهي نفس المشاغل والأولويات التي تحدث عنها الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، عندما اعتبر أن «أهداف أمتنا في التجديد الحضاري تبدأ من التجديد التربوي والعلمي والثقافي، على نحو شامل وفي اطار أوسع وبرؤية ثاقبة الى المستقبل معتبرا أن تلك هي السبل التي تفضي الى الاصلاح الحقيقي الذي لم يعد أحد يجادل في ضرورته لتستقيم الأوضاع في العالمين العربي الإسلامي. «الشروق»التقت مجموعة من الشخصيات المشاركة في هذا المؤتمر وسألتهم عن دعوات الاصلاح والكيفية التي يتم التعامل معها على المستوى العربي الإسلامي، رسميا وأهليا وكذلك عن أولويات الاصلاح وقد بدا الاجماع واضحا أن اصلاح التعليم والنظم التربوية يشكل أولوية الأولويات في أي ارادة عربية للنهوض. وقد سألنا عن مضمون هذا الاصلاح وعن ما يُشاع من محاولات أجنبية للتدخل في محتوى البرامج والمناهج التعليمية في البلدان العربية تحت مسميات الاصلاح. تحدث الى الشروق كل من : الدكتورة شيخة سيف الشامسي الوكيلة المساعدة للبرامج والمناهج بوزارة التربية والتعليم بدولة الامارات العربية المتحدة. الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الأسيسكو) السيد علي ماهر السيد الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي. الدكتور المهدي مفتاح أمبيرش الأمين العام المساعد لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية، وأمين اللجنة الشعبية للثقافة في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى (وزير الثقافة). السيد أبو بكر بن بوزيد، وزير التربية الوطنية بالجمهورية الجزائرية الشعبية الديمقراطية. يقول الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري إن الاصلاح اليوم هو الضرورة التي ينبغي المبادرة الى تحقيقها في جميع الدول العربية الإسلامية التي ينبغي أن تعيد النظر في كل أوضاعها وممارساتها وتتلمس نقاط القوة والضعف فيها من خلال تنمية نقاط القوة تلك ومعالجة نقاط الضعف. ويضيف قائلا : اننا في العالم العربي الإسلامي نتعرض إلى ضغوط كبيرة من قوى خارجية لها أهداف معلنة وأخرى غير معلنة، ومن مصلحة العرب والمسلمين أن يصلحوا أوضاعهم بأنفسهم فالتغيير المفروض من الخارج، لا يحقق مصالح الجهة التي تستهدف بهذا الاصلاح والأمة العربية الإسلامية، تمتلك من الوسائل والامكانيات ما يجعلها تصلح أوضاعها انطلاقا من رؤيتها الحضارية لهذه الأمة ولمستقبل أجيالها... أما السيد علي ماهر السيد، الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي، فيرى أن أي اصلاح يبدأ عبر الفكر المتزن والعلمي السليم، فالمفكر هو الذي يضيء الطريق أمام صاحب القرار، فهو الذي يبرز أمامه كل الاحتمالات والامكانيات في التعامل مع المستقبل. والاصلاح أمر محسوم، فالكل بات يدرك اليوم، ان الأمة العربية خاصة، تمر بمرحلة صعبة وهي تواجه صعوبات وأزمات عديدة. والسؤال الذي ينبغي علينا طرحه حسب السيد علي ماهر. هو هل أن هذا الاصلاح هو الذي نختاره ويعكس قناعات ضمائرنا، ومصالحنا وتراثنا أم هو الاصلاح الذي يأتي بمبادرة من غيرنا ليعكس مصالح وأهداف هذا الغير. ومن جانبه يعتقد الدكتور المهدي مفتاح أمبيرش الأمين العام المساعد لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية وأمين اللجنة الشعبية للثقافة بالجماهيرية ان الاصلاح ليست حاجة عربية فقط وأن الدعوات للإصلاح ليست موجهة للعرب فقط، فسمة هذا العصر هي التغيير والتحرك والعالم كله اليوم في مرحلة اعادة صياغة الأفكار والعلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وينبه الى أن الاصلاح في ما يتعلق بالعرب، ينبغي أن يكون نابعا منهم وفي اطار البيت العربي وليس استيرادا لمشاريع الآخرين لأن ذلك لا يضرّ بالعرب فقط، بل إنه يلحق الضرر بالمشروع الحضاري العالمي لأن مشروع الاصلاح ينبغي أن يعكس التنوع الثقافي والحضاري العالمي. وهذا المشروع الذي تتطلع اليه الإنسانية جمعاء ينبغي أن يعكس تواجد خصوصيات كل الأمم بما في ذلك الأمة العربية بموروثها الحضاري الثقافي والديني والتاريخي. فالعالم يحتاج قيم الإسلام وحضارة العرب. ويضيف قائلا ان دعوات الاصلاح هذه تعبر عن حاجة عالمية حاجة ليست خاصة بالعرب فقط، واذا كان العرب يشعرون بالحساسية ازاء هذه الدعوات فذلك لأنهم أصحاب مشروع تاريخي. وكل أمة لها تاريخها وثقافتها وطرقها في التعبير عن هذا المخزون الثقافي والحضاري ولذلك قد تستورد أشياء استهلاكية ولكنك لا تستورد ثقافة أما تركيز الغرب على ضرورة الإصلاح لدى الأمة العربية الإسلامية فإنما ذلك يعكس خشية الغرب الليبرالي من المشروع النهضوي العربي. الأمة العربية صاحبة مشروع في هذا المجال ولذلك يتم التركيز عليها بعض الدول هزمت فقط عبر الحرب الباردة كما حدث مع الاتحاد السوفياتي أما الأمة العربية فلها تاريخها ولها حضارتها وكما نعلم جميعا فان النظام الليبرالي يتخذ موقفا معاديا من التاريخ وقد أسس على الوضعية والتجريبية وهو يدعو الى نهاية التاريخ ليكون بذلك نقيضا للمشروع العربي، المستهدف من خلال الهجوم على القرآن وعلى الإسلام عموما، ومن خلال الصاق تهم الارهاب به في حين أننا نعرف جميعا أن أوروبا هي التي عاشت الارهاب في القرون الوسطى، وحتى ما يطلق عليها الحرب العالمية الأولى والثانية فهي لم تكن سوى حروب أوروبية قتل فيها ملايين البشر. ويواصل قائلا، ان أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية هي التي صنعت أسلحة الدمار الشامل وكانت أول من استعملها ضد البشرية ولكنها تحاول الآن الصاق تهمة الارهاب بالعرب زورا وبهتانا لأن العرب في ضعفهم، لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ومن هذا الضعف تُستمد قوة الاستهداف ويواصل الدكتور المهدي مفتاح امبيرش في رفضه المبررات المضللة التي يقدمها الغرب للإصلاح، قائلا أنه حتى الحركات المتطرفة، والتي لا يبرؤها من الضرر الذي الحقته بالاسلام، إلا أن مواقفها ليست سوى رد فعل بيولوجي لا علاقة له بالإسلام، قائلا إن الحشرات والنباتات تقاوم وترد الفعل عندما تتعرض للضغط، مستخلصا ان رد الفعل البيولوجي لا ينبغي أن يحسب على الإسلام، وإذا كان رد الفعل غريزيا بيولوجيا فإنه ينبغي علينا أن نبحث في الممارسات المقابلة التي أدت الى ذلك. فما تقوم به اسرائيل مثلا يجب أن يجرّم وما تقوم به أمريكا في العراق ينبغي أن يجرّم أيضا. ويواصل شرح ما يتعرض له العرب قالا إن ما يحدث من رد فعل قد نجد له المبرر البيولوجي الغريزي، ولكن لا نجد له المبررالتاريخي مضيفا ما يحدث من فعل ورد فعل ومن استهداف للعرب، ينبغي أن يضع هؤلاء في موقع المتضامن بعضهم مع بعض على الأقل، فالبشر ليسوا قطيعا، يكون رد الفعل لديهم غريزة فقط والقطيع يشكل جماعة ولكنه لا يشكل مجتمعا. ويضيف قائلا : اننا على الرغم من العمق التاريخي للعرب كأمة، إلا أنهم لم يصلوا إلى مرحلة الوعي لعلاقاتهم بعضا مع بعض، واصفا رد الفعل العربي الحالي والمتسم خاصة بالتشرذم والفرقة بانه رد فعل القطيع اذا هاجمه حيوان أقوى، اذ يتفرق القطيع ويفرّ كل حيوان منه إلى حال سبيله في اتجاه معين، ثم وبمجرد اختفاء الخطر يعود أفراد القطيع لتأكل وتشرب وتتعايش مع بعضها البعض... إن العرب لم يتجاوزوا تلك الحالة، حالة «القطيع» أو الجماعة، الى حالة المجتمع الذي يعطي قيمة للمكان وللزمان ولطبيعة العلاقات القائمة بين أفراده. أما الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري فينطلق مما يحدث في فلسطين والعراق، ليقول أن نظاما عالميا يتفرج ساكنا دون حراك على ما يحدث في العراق وفي فلسطين، لهو نظام غير اخلاقي، لأنه لو كان نظاما عادلا لما قبل بوجود الاحتلال في فلسطين، ولما قبل بأن يدمر العراق، تلك الدولة العظيمة بناء على أكاذيب وأساطير يروجها اليمين الأمريكي المحافظ، مضيفا أن دعوات للاصلاح تأتي من هذه الأوساط والدوائر المعادية للعرب والمسلمين لا يمكن إلا أن تكون محل شك، وما يحدث في العراق وفي فلسطين لهو جزء من هذا العداء والكره مضيفا إنه من المؤسف ان الادارة الأمريكية الحالية التي تطالب بالاصلاح وباقامة نظام عالمي جديد وشرق أوسط جديد، وتريد أن تجعل من العراق نموذجا من الديمقراطية هي الآن التي تصنع الديكتاتورية والظلم والقتل والبطش وتساهم في استعباد الشعب الفلسطيني وتدمير حقوقه وأراضيه. وهو مثل الدكتور المهدي امبيرش يعتقد أيضا أن العرب والمسلمين غير محصنين لمواجهة مثل هذه الضغوط وانهم يحتاجون أكثر فأكثر الى المزيد من العمل وتكاتف الجهود وهو أيضا يدعو إلى تكامل الجهود عبر القرارات السياسية الجادة والأعمال المنسقة والمحكمة التي يتعاون الجميع على تنفيذها. اجماع العرب على ضرورة الاصلاح حاصل وقد عبروا عنه في مختلف مؤتمراتهم ولقاءاتهم سواء تلك التي تمت على مستوى القمة، وخاصة خلال القمة العربية الأخيرة وكذلك خلال المؤتمرات القطاعية كما حدث في المؤتمر العام للألكسو الذي انعقد قبل أيام وفي هذا المجال يقول السيد علي ماهر السيد، الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي أنه لا بد من الاصلاح وقد لا يكون هناك نمط عام لتحقيق هذا الاصلاح، ولكن ينبغي أن تكون هناك مبادىء وأسس عامة يمكن لأي دولة أن تأخذ منها وتعمل بما يتلاءم مع اختياراتها. أما الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري فيرى من جانبه أن للمنظمات العربية والإسلامية المتخصّصة مثل الاسيسكو والألكسو وغيرها، دورا في هذا الاصلاح، وهذا الاصلاح ينبغي أن يكون مبنيا على حقيقة أننا أمة عربية إسلامية لها حضارة ولها تاريخ لا يمكن أن تنفصل عنهما. أما الحقيقة الثانية فهي اننا نعيش عصرا فيه الكثير من المتغيرات والمستجدات التي لا يمكن أن نغيب عنها، وبالتالي ينبغي المواءمة بين انتمائنا الى هذه الحضارة ووجودنا في هذا العصر بحيث نوجد المجتمع العربي الاسلامي الذي له هويته المتميزة وشخصيته المستقلة، ولكنه مندمج في محيطه الدولي، متعاون متفاعل معه في ما يحقق الخير له وللبشرية جمعاء، وهي قضية يقوم عليها أصحاب الرأي، وأصحاب الفكر وأصحاب القرار داعيا الى ضرورة ايجاد المواءمة بين مواقف القيادات السياسية والقيادات الفكرية في العالم العربي الإسلامي، بما يمكّن من رسم الاستراتيجية التي بها تنهض الأمة وتتخلص من قيود التفكك والتشرذم والتخلف، ولا بد أن يبدأ كل ذلك الجهد من التعليم وهو يلتقي في ذلك مع السيد علي ماهر السيد، الذي يعتبر أن الأولويات تتعلق خاصة بالثقافة، أما التعليم فهو الخطوة الأولى، والتي تتطلب جهدا ونفسا طويلا فلا يمكن أن ننتظر بروز نتائج التعليم بين يوم وليلة. ويؤكد أنه من التعليم ينبغي أن تكون الخطوة الأولى، فهو بدايات الطريق ولا بد أن نبدأ تلك البدايات على أسس سليمة ومتينة. ولكن عندما نضع النظم التعليمية والتربوية التي كان يعمل بها موضع نقد وسؤال، هل معنى ذلك أن العرب كانوا يراكمون الفشل طيلة النصف قرن الماضي في هذا المجال؟ عن هذا السؤال يجيب السيد علي ماهر قائلا أنه من الواضح انه كان هناك تقصير أو خلل ما، ويضيف انه لا يحكم على الاسلاف والأجداد، أو يحملهم مسؤولية هذا الخلل أو هذا التقصير، انما الواضح ان العالم قد تطور وأن أسس التعليم ومناهج التعليم قد تطورت وربما لم نساير نحن كعرب، هذا التطور والتحديث كما ينبغي. وقد تكون هذه مناسبة يضيف السيد علي ماهر السيد، ان نطلب من المفكرين ومن الخبراء البحث في ما إذا كان هناك انحراف وكيف ولماذا حدث هذا الخلل والانحراف. ويواصل قائلا . لا أقول أن كل ما قمنا به طيلة الفترة الماضية كان خاطئا، ولكن الظرف يفرض التطوير وعلى الكفاءات العربية أن تبحث في الأمر، فعلم التربية والتعليم في العالم يتطور، وعلى العقول العربية أن تحدد الطريق بما يتلاءم مع أهدافنا وتطلعاتنا كأمة تطمح للتحديث ويضيف قائلا ان احدى المهمات التي أنيطت بمؤسسة الفكر العربي هي أن تساعد المفكر العربي على توضيح الرؤية وانارة الطريق، حتى يكون بامكان صاحب القرار اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب. تجربة الإمارات كيف يتفاعل العرب مع الاصلاح المطروح على المنظومات التربوية والذي تم الشروع فيه خلال السنوات الأخيرة، وما هي ملامح الاصلاحات التي يتم إرساؤها في الأقطار العربية؟ عن هذه الأسئلة يجيب أهل الاختصاص أنفسهم، فتقول الدكتورة شيخة سيف الشامسي، الوكيلة المساعدة للبرامج والمناهج بوزارة التربية والتعليم بدولة الامارات العربية المتحدة، ان الاصلاح كلمة فضفاضة جدا وتضيف قائلة، : «اننا في الامارات نؤمن بأن الفترة الحالية من العصر تتسم بالتغير وقطاع التعليم يشهد تطورات كبيرة ومنها خاصة الثورة المعلوماتية المؤثرة في كل شيء ويمكن القول أن الثابت الوحيد الذي يتسم به هذا القطاع هو سرعة تغيره ولذلك فإننا نحرص على مواكبة هذا التغير الذي يمس كل شيء ولكن هذه المواكبة لا تعني الانسلاخ عن الذات وعن الهوية. وتضيف مشيرة الى الدراية بالتغير الحاصل حولنا وامتلاك أدوات التعامل معه هو الاصلاح الحقيقي. وعندما يطرح علينا التعامل مع هذه التغيرات فإن ذلك لا يعني انسلاخنا عن تراثنا، الذي يكون بامكاننا تطويره ، عبر امتلاك القدرة على التطوير أي أنك تواكب التطور والاصلاح، دون انسلاخ عن الذات وعبر ضوابط تضعها لنفسك تنبع من خصوصيات حضارتك ومجتمعك. وتقول اننا في الامارات نحرص على التعامل مع كل جديد ومفيد، دون أن ننسلخ عن هويتنا أو نرضخ للضغوط، وتمسكنا بالجديد يعود لادراكنا أهمية التطورات الحادثة حولنا ولدورها في تطور المجتمعات، وخاصة على مستوى التعليم. وتضيف في ردها على سؤالنا حول ما يُثار من اشاعات بشأن التوجه الغربي للضغط على الأنظمة التربوية في العالم العربي باتجاه معين إنها كوكيل مساعد للمناهج أقول بكل صراحة، إن قيادتنا في الامارات تترك لنا الحرية كخبراء في مجال التربية لوضع البرامج التي تتماشى واختيارات بلدنا في هذا المجال، ونحن لا نحكّم سوى ضمائرنا ونرفض الحديث عن ضغوط أجنبية، نحن نعمل من أجل اعداد الطالب في دولة الامارات للمستقبل ولذلك نسعى للتعرف على ما يستجد في المجالات التعليمية ونعمل على استشراف المستقبل. وتضيف أيضا أن كل الدول العربية بدأت منذ الثمانينات بتطوير برامجها ومناهجها وان الأمر لا يرتبط بموجة حالية أو بضغط أجنبي فسمة المناهج التربوية هو التطور الدائم والمفروض أن تتأقلم المناهج مع تطورات المجتمع وأن تلبي حاجته وهو ما يجعلنا نحرص على مواكبة التطور ويمكنني أن أقول ان جودة المناهج تقاس بمدى استجابة ذلك المنهج لحاجة المجتمع المتغيرة بسرعة ولا ترتبط بفترة معينة أو زمن معين أو ضغط خارجي. وتقول أيضا إنها بحكم وظيفتها فهي دائمة الاتصال بنظرائها في العالم العربي من المسؤولين عن البرامج والمناهج وخاصة في الدول الخليجية وانها تتابع عملية التطوير الجارية وأنه بامكانها أن تجزم أن تلك العملية تتم استجابة لحاجة المجتمع وانطلاقا من انتمائنا الحضاري بما يعكس المجتمع الذي نطمح للوصول اليه. تجربة الجزائر ومن جانبه يتحدث السيد أبو بكر بن بوزيد وزيرالتربية الوطنية الجزائري عن تجربة الاصلاح التربوي في بلاده كما يستعرض مختلف المراحل. وخاصة المنطلقات التي بدأت منها تلك العملية فيقول أن هذه العملية بدأت منذ سنة 2000 عندما دعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى اصلاح منظومات عديدة منها... وقد بدأ تنفيذ الاصلاحات في قطاع التعليم منذ السنة الماضية، وذلك انطلاقا من مبدأين أساسيين أي ديمقراطية التعليم، وجعله مجانيا للجميع، وكذلك اجباريته وان كانت الجزائر انتهجت هذه الفلسفة منذ الاستقلال إلا أن الدولة تحرص الآن أكثر على التكفل بالطالب الجزائري حتى سن السادسة عشرة. ويضيف أن الاصلاح يستهدف المناهج والبرامج وكذلك تكوين الأساتذة سواء التكوين الأولي أو أثناء الخدمة، اضافة الى كل ما من شأنه أن يتعلق بتسيير المؤسسات التربوية اضافة الى مساعدة هياكل التعليم من خلال توفير المطاعم المدرسية وكل الآليات التي تتماشى مع التكوين النوعي للطلاب (الاعلامية). ويقول أن الهدف الأساسي من هذا الاصلاح أن يكون التلميذ الجزائري متحكما عند انتهاء الدراسة الابتدائية في القراءة، والكتابة والحساب واللغات الأجنبية والاعلام الآلي (اعلامية)... هدفنا أيضا أن تصل نسبة 90 بالمائة من أبنائنا الذين يدخلون التعليم الابتدائي الى المرحلة الأساسية حيث أن هذه النسبة حاليا هي في حدود 63 بالمائة فقط وهذا الهدف يفترض جهدا ماليا وتكوينا مختصا أما على المستوى الثانوي يضيف وزير التربية الوطنية الجزائري فإن الهدف هو الوصول الى نسبة 70 بالمائة في نتائج الباكالوريا وهي الآن بعد جهود كبير بذلت خلال السنوات الأخيرة لا تتجاوز 40 بالمائة... وكل هذه الأهداف تفترض جهدا ماليا كبيرا، حيث تضاعفت ميزانية الدولة المخصصة للتربية من مليارين سنة 1999 الى أربع مليارات دولار، لهذه السنة حيث أن عملية الاصلاح هذه تتعلق ب8 ملايين تلميذ يؤطرهم أكثر من 510 آلاف مربي ومؤطر وعامل. حيث يتم تكوين 250 ألف أستاذ حاليا أثناء الخدمة ليتماشى ذلك مع البرامج والمناهج الجديدة، اذ تفترض كل سنة دراسية توفير 66 مليون كتاب مدرسي بالاضافة الى المطاعم المدرسية في المناطق المعزولة والنائية والتي تمس حاليا مليوني تلميذ وذلك لمنع الرسوب المدرسي. ويشير الى أن تجربة الاصلاح الجزائرية تتم بالاطلاع على تجارب الاصلاح التربوي في العالم، وخاصة في الدول العربية ويضيف أيضا أنه قد تكون بعض الدول الأجنبية طالبت في معرض حديثها عن الاصلاح في العالم العربي عموما، باصلاح التعليم ولكن الاصلاح ينبع من داخلنا استجابة لحاجيات عصرنا وخاصة العولمة التي تجعل من الاعلام الآلي (الاعلامية) الأداة الرئيسية التي تمكن من التواصل مع العالم. فالاعلام الآلي، جعل العالم حسب قوله، يتكلم لغة واحدة ويستعمل تكنولوجيا واحدة ومثل هذا التطور لا بد وأن يفرض علينا التأقلم معه ولكن لا يعني ذلك الخضوع في مناهجنا وبرامجنا الى الضغوط الأجنبية أو التخفي عن هويتنا وتراثنا وثوابتنا أو تغير أساليب عملنا النابعة منّا ويضيف قائلا : ان الدولة الجزائرية قدمت منذ الاستقلال جهدا تمويليا ضخما لقطاع التربية والتعليم وهو جهد يستمر بأكثر دقة حاليا والهدف من ذلك اعداد تلميذ مسلح بكل الأدوات العلمية التي يفترضها زمنه. وقد لاحظنا خلال الأعوام الأخيرة أن النتائج الأولية للاصلاح تتماشى مع ما وضعناه من أهداف ولكني أقول أننا لا نزال في بداية المشوار.. وفعلا فإن اصلاح المنظومات التربوية هو الحلقة الاساسية في أي عملية تحديث للمجتمعات وهي عملية تفترض نفسا طويا واسنادا من قبل مختلف الهياكل الاجتماعية والمنظمات وهي وان كانت حلقة أساسية فهي أيضا جزء من استراتيجية اصلاح شامل يقول الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة انه على كل الدول العربية والاسلامية أن تعمل ضمن استراتيجية واحدة تحمل اتفاقا على خطوط عريضة نتفق عليها وعلى حدود نقف عندها، استراتيجية موحدة تعكس خصوصيات الأمة الاسلامية وأهدافها لأن التحديات المطروحة حاليا تواجه الأمة باكملها ولا تواجهنا كأفراد أو كدول وهي استراتيجية يتوقف عليها العالمين العربي والإسلامي في اطار المنظمات المتخصصة على الأقل. ويضيف انه على العالم الإسلامي أن يعمل على تفنيد الشوائب التي التصقت بدينه وبحضارته وفي نفس الوقت فان المسلمين مدعوون للوقوف بالمرصاد أمام تلك الدعاوى المغرضة التي تدفع من أجل أن يتخلى المسلمون عن دينهم وهويتهم ومقوماتهم الثقافية والحضارية والاخلاقية وان ذلك يتم من خلال التربية الصحيحة والسلوك القومي ومن خلال الثقافة التي تنشرها وسائل التثقيف ولكن للأسف الشديد يقول الدكتور التويجري ان في عالمنا العربي الاسلامي اليوم فوضى اعلامية تؤثر في النشء وربما تصرفهم عن فضائل الأمور وعن مستقبلهم وقد تكون هذه الأعمال جزء من العملية الكبرى التي يراد فرضها على العالم العربي الاسلامي ولذلك لا بد أن يكون العمل الاصلاحي منسقا بين المنظمات المتخصصة ووزارات التربية والتعليم والثقافة والاعلام في البلدان العربية والإسلامية حتى يكون العمل منسقا، من أجل تحصين الأجيال العربية الإسلامية من خطر هذه التوجهات المتطرفة أو الهدامة الأخرى وحتى نكون قادرين في نفس الوقت على أن نتعايش مع عصرنا مع حفاظنا على هويتنا....