* تونس (الشروق): من قابس الى باجة الى صفاقس والقيروان وبنزرت وغيرها من الجهات تبدو أيام العيد في عاداته وتقاليده متشابهة في الظاهر لكنها تنطوي على مقدار كبير من الخصوصية فمن «البازين بالقلاية» الى الاحتفاظ بالرأس (رأس العلوش طبعا) الى موعد حلول رأس السنة الهجرية الى تناول «الغرايف» الى «خطبة الرضى»... للاطلاع أكثر على هذه الخصوصيات رصد مراسلو الشروق (الحبيب الحفيان وراشد شعور وفؤاد المحمدي وعبد المجيد الجبيلي...) بعض المظاهر في جهاتهم أبرزت التنوع والثراء الذي تعرفه بلادنا في مثل هذه المناسبات. -------------------------------------------------------------- عيد الاضحى في قابس: الأضحية «تحج» والقديد مازال محافظا على مكانته لكل جهة عاداتها وتقاليدها في المناسبات الدينية، عادات ورثتها العائلات على مر الاجيال والعقود وأصبحت تمثل جزءا من التراث ونصرّ على إحيائها والتشبث بها رغم ما طرأ من تحولات في نمط الحياة وفي عقليات الاجيال الجديدة. في شتى أنحاء ولاية قابس يمثل عيد الاضحى مناسبة دينية تجد فيها العائلات إحياء ذاكرة راسخة في الاذهان حفظت كامل تفاصيلها وجزئياتها وتتفنن في تطبيقها مع الاعتزاز بالابقاء عليها تعبيرا عن الاصالة واقتناعا بجدواها المؤكد اجتماعيا واقتصاديا. يوم عيد الاضحى وإثر صلاة العيد تتفرغ العائلة لاهم جزء من هذه المناسبة الدينية وهو ذبح الاضحية وسلخها وتنظيفها ثم تعلق كاملة في الظل لا يقطع منها شيء ماعدا الاحشاء والكبد والكلى لتبقى هكذا الى ما بعد غروب الشمس ويقول الاجداد عن ذلك أن الاضحية تحج وقد ثبت صحيا ان حالة اللحم تصبح أفضل بعد هذا الاجراء إذ يفقد رطوبته وتسهل عملية قطعه وشيّه. العائلات في ابس ليست كلها بل أغلبها تعودت على هذه العادة وتجد في المقابل الوقت لتحضير «العصبان» وجعله الوجبة الرئيسية يوم العيد. * القدّيد حافظ على مكانته اليوم الثاني من عيد الاضحى تقطع الاضحية على أجزاء ثلاثة. جزء للشواء وآخر يوضع في الثلاجة كرصيد لبعض الايام أما الجزء الثالث والاكبر فهو مخصص لتحضير القدّيد ويقسم على مراحل حسب تقنيات توارثتها تسمح للقديد بالبقاء صحيا في أحسن حالة لمدة قد تدوم أشهرا عديدة يكون فيها هذا القدّيد خير معوّض للحوم بشتى أنواعها، القدّيد يوضع عادة في وعاء من الفخار ويسكب عليه الزيت والى اليوم مازال محافظا على مكانته داخل جل البيوت وتفتخر العائلات بعد أشهر من عيد الاضحى بأنها مازالت تحتفظ ببعض القديد كدليل على التجذر والاصالة. * الرأس لرأس السنة الجزء الاخير من الكبش وهو الرأس يقطع أجزاء ويتم الاحتفاظ به معلقا في الهواء الطلق الى موعد حلول رأس السنة الهجرية ليكون وجبة ذلك اليوم مع الكسكسي. ---------------------------------------------------------------- في بنزرت : حكاية «خطبة الرضى» (6) احتفظت مدينة بنزرت بالكثير من العادات والتقاليد التي ساهمت في إقرار ما هو متبع حضاريا الآن، بين أبناء هذه المدينة والمدن المجاورة... إن معظم هذه العادات متشابها فقل أن تجد بعض الفروق الجزئية فيها... فمن عادات بنزرت في عيد الاضحى أن تجتمع العائلة الموسعة ليلة العيد بمنزل الأب... وبعض العائلات تحرص على نحر أضاحيها مجتمعين في منزل الأب، كما تحرص هذه العائلات على تناول فطور الغذاء جماعيا... وغالبا ما يكون الغذاء ما يسمى «بالقلاية» ومن الغد يأتي دور «العصبان» تتفنن البنزرتيات في إعداده إما بالكسكسي أو بالنواصر... قبل ذلك يحرص البنزرتيون على زيارة المقابر قبل حلول العيد بيوم... كما تغتنم بعض العائلات الفرصة لاقامة حفلات الخطوبة يوم العيد أو في اليوم الثاني منه، كما حافظت بعض العائلات على إقامة «خطبة الرضى» وفيها تقع الخطبة ويتم التعارف والاتفاق على الشروط وفيها تقع (الفاتحة) وفيها يتم ضبط صيغ الخطوبة وتقرأ بين أقارب العريسين (فاتحة) كعربون على الخطوبة كل ذلك يتم في اليومين اللذين يعقبان يوم عيد الاضحى. ------------------------------------------------------------- عادات العيد في صفاقس: «بازين بالقلاية»... والبقري يسجل حضوره في القديد عادات عيد الاضحى المبارك بولاية صفاقس ربما لا تختلف كثيرا في مظاهرها العامة عن بقية العادات والتقاليد في سائر جهات البلاد، على أن الجهة تحتفظ ببعض الخصوصيات والسلوكيات التي توارثتها عبر الاجيال لعل من أبرزها «البازين بالقلاية» مقابل تجاوز اعتماد لحم العلوش في السنوات الاخيرة في «القديد» ليحل محله لحم البقري... «عصيدة القلاية»، هي الثريد الممزوج بالطبق التونسي المعروف ب «القلاية» وهو عبارة عن قطع من اللحم والكبد المطهوة أو المقلية في الزيت مع بعض التوابل يتم تناولها مع «العصيدة» وهو الطبق الذي تكون «الفرينة» أو «السميد» قوامه الاساسي على أن المعتمد في العيد هو «النشاء». هذا الطبق عادة ما يكون جاهزا منذ الصباح الباكر، ففي الوقت الذي يغادر فيه رب العائلة لاداء صلاة العيد، تكون الأم أو البنت قد أحضرت «بازين بالقلاية» ليتناوله أفراد الاسرة صباح يوم العيد الاضحى أي في الوقت الذي تهتم فيه العائلة «الصفاقسية» بالنحر والسلخ وتقطيع العلوش وتقسيمه. واذا كانت عادة «القديد» عادة موروثة منذ القدم وتقوم في جوهرها على تخزين جزء من لحم وفق أسلوب تقليدي لوقت الحاجة، فإن هذه العادة ولئن حافظت على تصوراتها العامة فإنها تغيرت في تطبيقاتها، فلحم العلوش لم يعد هو المعتمد في القديد، بل باتت العائلة تقتني لحم البقري أولا لارتفاع سعر لحم العلوش وثانيا نتيجة تأثر بعض العائلات ببعض الدراسات العلمية التي تؤكد أن لحم البقري يحتوي على نسبة أقل من «الكولسترول» منه من لحم العلوش. وبالرغم من مدى صحة أو خطأ هذه التبريرات في دخول لحم البقري في «قديد العيد»، فإن اعتماد لحم الخروف في القديد قد تراجع في السنوات الاخيرة بصفاقس، على أن بعض العائلات مازالت تحتفظ بهذه العادة كما توارثتها عبر الاجيال. -------------------------------------------------------------- هل أتاك حديث «الغرايف» في باجة؟ من العادات المميزة بباجة تناول الحلويات في الصباح وخاصة تناول بعض الانواع من الفطائر إما «غرايف» بالسمن والعسل أو فطائر بالزبدة. وبعد ذبح العلوش يتم تحضير اللحم المشوي وتحضير القلاية توجه للغداء أما في العشاء يتم طبخ الكسكسي بالعصبان بخلاف كل هذا تتدعم صلة الرحم بولاية باجة وتكثر تبادل الزيارات بين الاهل والاقارب ومن المميزات الاخرى أن الأخ الاكبر يتولّى زيارة أخواته البنات ويحمّل لكل واحدة منهن فخذ الاضحية ويحمل لهن الحلويات والمشروبات الغازية حيث يتم توزيعها على الاطفال الصغار أبناء الاخت.