على غرار سهرة الفنانة السورية ميادة بسيليس، وسهرة الفنانة سنية مبارك، كان مهرجان المدينةبمنوبة سبّاقا في تقديم الفنان اللبناني مارسال خليفة، الذي قدّم عرضه الجديد أمام جمهور منوبة أمس الأول، قبل لقائه بجمهور مهرجان المدينة بتونس. جمهور غفير حضر حفل مارسال خليفة في منوبة بقصر قبة النحاس، وأمام عجز الفضاء الداخلي المخصص للعروض، قامت ادارة المهرجان بنصب شاشة عملاقة في بهو القصر حتى يتمكن أكثر ما يمكن من الجماهير من متابعة العرض،وهي بادرة طيبة ونقطة ايجابية تسجل للمهرجان. حوار موسيقي العمل الجديد لمارسال خليفة يحمل عنوان «تقاسيم» وكما يدل عليه عنوانه، هو انتاج موسيقي بالأساس تخلّى فيه مارسال عن الكلمة والصوت، وفسح المجال واسعا أمام العزف والأوتار للتعبير عن أفكاره واختلاجاته. وعلى غرار عرضه «جدل»، فإن العزف كان سيد الموقف في «تقاسيم» لكن هذه المرة كان اللقاء بين آلة العود وآلة الكنترباص، وهو لقاء فريد من نوعه، ولم يسبق أن شاهدنا ثنائيا من هذا النوع مع أن آلة الكنترباص تعتبر ركيزة أساسية في أي أوركسترا. وفي «تقاسيم» كان الحوار بين «العود» والكنترباص» راقيا وممتعا، تارة وحوارا حزينا وغاضبا أحيانا وفي مواقع أخرى هادئا وحالما.. من خلال مجموعة المعزوفات التي تضمنها عرض «تقاسيم»، استطاع الفنان مارسال خليفة بصحبة عازف الكنترباص النمساوي بيتر هاربار، القيام بجولة في عوالم مختلفة، وتقديم رؤية خاصة به للعمل الموسيقي، على درجة عالية من الاتقان والحرفية. وكنا نفضل لو اقتصر مارسال في هذا العرض على المعزوفات الموسيقية، وأن لا يقدم أغان، لكن حرصه على التواصل التام مع الجمهور الحاضر جعل مارسال يقدم باقة من أغانيه تفاعل معها الحضور بشكل أفضل مما تفاعل مع المعزوفات، وهذا مفهوم باعتبار أن الجمهور لم يتعوّد متابعة العروض الموسيقية الخالية من الأغاني، على الرغم من أن معزوفات مارسال خليفة في «تقاسيم» تكتفي بذاتها.