بوش وبلير أسعد رجلين في العالم... مهرجان الانتخابات في العراق تمّ... والمهم ليست نوعية هذه الانتخابات ومدى شرعيتها تحت الاحتلال وليس تزوير عدد المصوتين وعدد المقاطعين... المهم هو الصور... صور العراقيين وهم يصوتون... مثل أهمية صورة اسقاط تمثال صدام... وصور الاقمار الصناعية لاسلحة الدمار الشامل في العراق... وصور الغزاة وهم يوزّعون الحلوى على أطفال جزعين... دعكم من حكاية الديمقراطية والكذب التافه... فالامريكان والانقليز لا تعجبهم اي انتخابات في بلد عربي آخر ويجدون دوما الفسحة للتقليل من أهميتها والطعن فيها... بينما انتخابات العراق صوروها على أنها مثالية ولا يقع مثلها في السويد رغم انها تحت الاحتلال في بلد بلا قوانين او دستور أو أمن أو كهرباء أو ماء... أي انتخابات هذه التي تحول فيها القصر الجمهوري الى اقامة للمقيم العام السفير نيغروبونتي... أي انتخابات هذه التي يصوت ابرز المرسمين فيها في الثكنات... أي انتخابات هذه التي لا تُعرف فيها أسماء المترشحين... ومع كل هذا فان القادم أعظم... بوش وبلير كانا يريدان الانتخابات حتى ننسى أصل الحكاية... حكاية أسلحة الدمار الشامل... الآن صاروا يتحدثون عن نشر الحرية... الشيعة قبلوا بالانتخابات لانهم متربصون بالسلطة... وكانوا مكتفين بمقولة لا تذهب الى عدول... دع النهر يحمل اليك جنته... وهم يهادنون المحتل الى حين التمكن... الاكراد هم الرابح الأكبر... لان مشروع الدولة صار واقعا... السنة قاوموا الاحتلال والانتخابات معا... ولكن وضعهم يحتم عليهم مواجهة السلطة القادمة، تلك التي بانت نواياها بالسنة منذ قررت ردم الفلوجة وتسويتها بالارض... أما المحتل فانه وان خرج من ورطة فانه واقع في ورطة أخرى... تمت الانتخابات فهل سيخرج... كيف ومتى... هل كان كل الذي كان من أجل عيون العراقيين... دمار وموت وافلاس للخزينة... كل هذا لوجه الله... هل يعني هذا ان ما جرى في «أبو غريب» هو الذي أنتج الديمقراطية... هل يعني أن القنابل والصواريخ واليورانيوم المنضب هو الذي ضمن «إشعاع» الحرية... هل يعني ان الاحتلال هو الذي يولد الديمقراطية وان الاحتلال هو الذي يعين الخونة سادة لابناء وطنهم السابق اي قبل ان يغيروا الجنسية... ماذا سيتغير بعد هذه الانتخابات... لا شيء، السفير الامريكي يتربّع في القصر الجمهوري ويقرر و»الحكومة» تقبع في السجن الارادي وأعني الثكنة... والعراقيون هائمون بحثا عن الخبز والبترول للتدفئة... وما تبقى خراب ودمار تحت يافطة عريضة كتب عليها «هاي الديمقراطية».