في سهرة رمضانية رائقة مساء الاحد 23 نوفمبر 2003 استضاف نادي الشعر لاتحاد الكتّاب التونسيين الشاعر العراقي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد الذي نقل بكل صدق الى الحضور حزن العراق وألمه عبر القصائد التي تلاها في خشوع جريح... وقد عبّر الشاعر عن الدفء الذي احسّ به بين ادباء تونس التي يؤدي اليها زيارة قادما من باريس بعد ان جار الزمان على بلده وأهله، ولكن بعض «عباقرة الثقافة» لم يحْل لهم هذا المشهد الحزين وأرادوا ان يدخلوا عليه بعض الحركية على طريقة السياسة الامريكية وجسدوا معركة «ثقافية» تبادلوا فيها اللكمات والركلات والكلام البذيء بحضور الشاعر وزوجته وكان مشهد الشاعر سيئا للغاية وهو يفر رفقة زوجته التي لحقها الركل والكثير من الكلام البذيء.. اما البقية فقد اخذت الدهشة منهم مأخذها وتدخل البعض الآخر للفصل بين «الملاكمين» بعد نهاية الوقت القانوني للمعركة... ان كان المشهد تعيسا فإن الاسباب اكثر تعاسة وصورته ان احدهم (...) كتب مقالا (...) تهجم فيه على هذا المتطفل الذي لا علاقة له باتحاد الكتّاب ولكنه متحمس بشكل غريب ضد الهيئة المديرة للاتحاد ويروّج لعريضة ضد قرارا الهيئة المديرة المتعلق بتأجيل المؤتمر... طبعا هذا المقال لم يرق «للمتطفل» فقرر ليلة الحادثة التوجه الى مقر الاتحاد بعد ان تناول قهوته في مقهى قريب من مكان الحادثة وفي اللحظة التي التقى فيه خصمه توجه اليه باللوم «في لهجة حادة» على ما اقترف وهدده بالقضاء عليه «جسديا» في صورة تكرار صنيعه... هذا التهديد لم يقبله خصمه ورد بلهجة اكثر سوءا فكان ما كان... وكانت المهزلة.. ما حدث لا يجب ان يمر مرّ الكرام... بل من الواجب على كل مثقف غيور على تونس وعلى اتحاد الكتّاب ان يشهّر به وان يحمّل كل الاطراف مسؤولياتها حتى لا يتكرر مثل هذا الحدث المهزلة، فالاتحاد ليس في حاجة الى متطفل ظهر فجأة وأخذ له مكانة بارزة في المشهد الادبي التونسي بدعم من بعض الكتّاب لأسباب اعجز عن فهمها، واخذ يتطاول رغم قصر قامته من حين لآخر على كتّاب تونسيين لهم تجارب محترمة لهم تاريخهم يمتد الى ما قبل لحظة ولادته.. والاتحاد ايضا ليس في حاجة الى مرتزقة تبرز اسماؤهم عندما يقترب موعد المؤتمر ويتحركون ويكتبون بتوجيه ودعم من اعضاء الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين ومن طرف رئىسها خاصة... وكأن هؤلاء الاعضاء المحترمين تنقصهم الجرأة لمواجهة خصومهم ومنتقديهم فيختفون خلف بعض الوجوه المأجورة ويتكلمون بألسنتهم ويبلّغون آراءهم عبر اقلامهم... الاتحاد ليس في حاجة الى هؤلاء ولا الى اولئك، بل هو في حاجة الى الصادقين من ابنائه الذين لا يطمعون ولا يؤيدون ولا يتهجمون، بل الذين يكتبون ويبدعون ويصارحون دون خوف او طمع ويواجهون الدخلاء والسفهاء.. ولن يحدث ذلك ما لم يلتف اعضاء الاتحاد حول مؤسستهم بكل صدق وقوة ومالم يدرك اعضاء الهيئة المديرة الحالية وخاصة رئىسها ان الاتحاد لأبنائه المخلصين وان الاختلاف حق مشروع اولى بالكتّاب الدفاع عليه والنضال من اجل تحقيقه ونشره، وان الاتحاد جمعية تضم كل كتّاب تونس دون استثناء وهو بالتالي ليس حكرا لأحد يتصرف فيه كما يشاء. وأخيرا اعتذر باسمي وباسم اعضاء الاتحاد للشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد ولزوجته وللشعر وارجو ان لا يتكرر مثل هذا المشهد السخيف... السخيف جدا. جلال الحبيب