يعتقد البعض أن الضحك قرين اللهو والمجون، وأنه مذموم شرعا بحكم الحديث الشريف : كثرة الضحك تميت القلب... وتلك حجة واهية، إذ أن الضحك لا يقترن بالضرورة بالمجون، وإنما يقترن دوما بالصحة النفسية، فالذي لا يعرف الضحك يعاني من اختلال ما في صحته النفسية. وليس صحيحا ما يقال من الحجج الشرعية في ذم الضحك، وإلا فكيف نقبل تلك الأخبار النبوية التي تروي أن النبي (ضحك في بعض المواقف حتى بدت نواجذه، وأنه (كان كثير التبسم داعيا للبشاشة... وفي حياة الصحابة والتابعين الكثير من المواقف الطريفة التي تسجد الفكاهة والمرح (ومع ذلك يصر التلفزيون على تقديم المسلسلات الدينية مثقلة بالغم والحزن!). أما الحديث الشريف (كثرة الضحك تميت القلب) فإن فهم الناس له غير صحيح. فقد فهموه بدلالة المخالفة (اذا كانت كثرة الضحك تميت القلب فإن قلة الضحك تحيي القلب) وهذا فهم غير مستقيم ولا سند له في الحقيقة، بل الفهم الذي يستقيم مع النظرة الوسطية للإسلام، هو (كثرة الضحك تميت القلب وقلة الضحك تميت القلب، فحياة القلب في الاعتدال) والاعتدال والوسطية هما روح الشريعة الإسلامية. والإمام السيوطي (جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد، المتوفى هجرية) واحد من أشهر أعلام الاسلام، تزيد مؤلفاته على خمسمائة كتاب ورسالة، تغطي العديد من فروع الثقافة الإسلامية.... ومن هذه الفروع علم الحديث النبوي أحد العلوم الركيزية في الفكر الإسلامي فقد كان السيوطي من كبار المحدثين في تاريخ الإسلام، وله في الحديث كتابان مشهوران : الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، والجامع الكبير. وفي الكتابين يروي السيوطي الأحاديث الآتية : * ضحك الله من رجلين قتل أحدهما صاحبه وكلاهما في الجنة! * ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب. * ضحكت من قوم يساقون إلى الجنة مقرنين في السلاسل. * ضحكت من أناس يأتونكم من قبل الشرق يساقون إلى الجنة وهم كارهون. أما الحديث الذي ورد فيه أن رسول الله (ضحك حتى بدت نواجذه) فقد أخرجه البخاري بثلاث روايات وأبو داود بروايتين والترمذي برواية واحدة وابن ماجه بروايتين وابن حنبل بست روايات!