لن أتحدث عن صدام حسين رئيسا سابقا للعراق ولا ذلك الرجل الذي أقام الدنيا ولم يقعدها وزلزل العالم زلزالا ذا حدة مرعبة وقطع سلاسل الحديد الصلب التي كانت تربط مصالح الانظمة بكبارها وصغارها في الدنيا وعرّى مطامح أرباب الجشع وشياطين النهم وديناصورات الظمإ الى دماء الشعوب الضعيفة. لن أتدحث عن صدام حسين ذلك الرجل الذي رج النفوس وحير العقول وعجل بدقات القلوب في كل جسم بشري في المعمورة. ولا ذاك المرء الذي تضامن أعداء العرب مع «العرب» على هدم عراق بابل العرب لأنه عربي يقلق أعداء العرب، ولا ذاك الرجل الذي عرى غلاة الاستعباد والغطرسة والاستعمار والقوة والقهر والاذلال لسلب الشعوب ما كسبت أيمانها من ثرات طبيعية ومن ارث حضاري ومن عزة نفس. لن أتحدث عن صدام حسين ان كان عاقلا او مجنونا، إن كان زعيما ام زنديقا، إن كان بطلا أم مجرما فذلك الشأن من مهام التاريخ وحده فهو القادر على الحكم له أو عليه... إني سأتحدث عن الاسم ومضمونه فاسم صدام ليس اسما عاديا فهو أبعد ما يكون عن ذلك. هو اسم يجمع في حروفه تاريخ بطولة وعقيدة مولدهما تكريت وفضاؤهما كل العرب والمسلمين عموما وحدودهما دحر أعدائهم. فمن تكريت جاء صلاح الدين الأيوبي ومن تكريت صلاح الدين الايوبي المنتظر وهنا أقف عند تلك الصورة التي ملأت شاشات تلفزات العالم كلها بما في ذلك فضائيات الجنس والميوعة والحرب والاجرام والتهميش التي تتمنى للعرب السعادة بين أحضان الغواني. إن تلك الصورة وإن كانت لابن حسين لم أر فيها «صداما» اي صلاح الدين الأيوبي المنتظر رأيت فيها «رجلا» شريدا لا أهل له رأيت فيها وجها لمتخلف ذهني. رأيت فيها انبطاحا لا يقدر عليه أرباب الانبطاح في الكون رأيت فيها هيكلا خاويا مهجورا مدمرا والسؤال هنا من قتل في صدام حسين صلاح الدين الأيوبي المنتظر؟ أم أنه فر من ذلك الجسم المهدم لمختبئ في صدر آخر أوسع وأرحب وأشد رباطة جأش؟ وهل من المنطق والمعقول ان تكون تلك الصورة لصدام حسين الذي يعرفه العالم بأسره؟ وما السرور وراء قنوط وخنوع ذلك الرجل الذي تحدى أكثر من ثلاثين دولة دمار وهدم وسحق وإبادة حتى لا يتحدى من قبضوا عليه حتى بمجرد طلقة بصاق على وجوههم؟ إني متأكد ان الصورة التي ملأت أعين البعض من سكان الدنيا وكانت أكبر من أحداق البعض الآخر هي صورة لصدام وقد خدروه تخديرا سلب منه العقل والارادة والفعل. هي صورة قدمها البنتاغون حتى يقتدى بها من سيحكم العراق في المستقبل ويكون نمطا أصليا لها.