بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى الثالثة لرحيله: إعدام صدّام... رمزية الذكرى و«وجع» الذاكرة


تونس (الشروق): إعداد: النوري الصّل
تحلّ بعد غد الذكرى الثالثة لإعدام الرئيس الشهيد صدام حسين الذي اغتيل ذات يوم عيد اضحى بطريقة انتقامية ومهينة أريد من ورائها ليس فقط إهانة صدام في شخصه أو في صفته كرئيس دولة بل أيضا إهانة كل الشعوب العربية والاسلامية..
فبعد مرور ثلاث سنوات على إعدام صدّام.. هذا الحدث الذي هلّل له الاحتلال وعملاؤه طويلا ووصفوه ب«اليوم التاريخي» في العراق ثبت بالكاد أنه لم يكن سوى فصل من فصول التآمر على العراق دولة وحكومة وشعبا التي بدأت بغزو العراق واحتلاله.. فعراق اليوم الذي نظّر له الاحتلال بأنه سيكون عراق الأمان والاستقرار هو عراق القتل والتدمير والتشريد.. هو عراق تغلب فيه الميليشيات على ما عداها.. وتغلب فيه الأحقاد على ما عداها.. وتغلّب فيه التصفيات الطائفية الهمجية وأعمال الفوضى.. على ما عداها.. لقد أرادوا باغتيال صدّام اغتيال العراق.. وقد اغتالوه بالفعل.. لكنهم عجزوا عن اغتيال روح الوحدة والمقاومة التي «يتسلّح» بها كل مواطن عراقي.. نعم لقد اغتالوا صدّام.. ولكنه الرئيس الشهيد لازال حاضرا بأفعاله وكلماته في وجدان الشعوب وفي تاريخ الأمة.. وفي ذاكرة الأيام..
بشرى الخليل ل «الشروق»: صدّام حيّ في وجدان الأمّة
تونس الشروق :
أكّدت المحامية اللبنانية بشرى الخليل في حديث ل «الشروق» عبر الهاتف من بيروت على أهمية مناسبة اعدام الرئيس العراقي صدام حسين لكونها تشكل حدثا ضخما في تاريخ الأمة العربية.
وقالت في ردّها عن أسئلة «الشروق» حول دلالات ورمزية إعدام صدّام ان هذه الذكرى يجب ان تكون بموقع الدرس الكبير الذي تستلهمه الأجيال القادمة في ما بعد لأن الرئيس الشهيد رحمه ا& هو من القلائل بين القيادات السياسية في هذه الأمة الذي استطاع أن يزاوج ما بين الشعار والممارسة.
وأضافت أن الحقبة الاخيرة في تاريخ حكم صدّام احتدمت فيها المشاعر والأفكار لهول الظروف التي مر بها العراق مشيرة الى أن هذه الظروف كان ممكنا أن تغير حياة أي قائد ولكن صدّام بقي ثابتا ومتماسكا ومتوازنا حتى آخر نفس وبقيت الرؤية واضحة أمامه.
وشدّدت بشرى الخليل في هذا الصدد على عظمة هذه الذكرى واهميتها وخاصة في المشهد الاخير الذي وجه فيه صدام آخر خطاب للعالم قبل ثوان من لقاء ربّه وكيف هتف صدّام بالحياة لفلسطين معتبرة أن في ذلك رسالة أراد من خلالها الرئيس الشهيد أن يقول بأنه مازال متمسّكا بالمنطلق الأول وهو فلسطين.
وتابعت ان الخطاب الاخير لصدّام أثبت عظمة هذا القائد الذي أكّد في هذه اللحظة أنه قائد كبير وحقيقي وسيتأهل الصورة التي حاز عليها في وجدان الأمة.
وأوضحت أن صدّام لم يرهبه الاعدام بل إنني رأيت فيه في لحظة اعدامه الشفافية وانصهاره كشخص بالأمة.
وتذكّرت في هذا الاطار ما دار بينها والرئيس الراحل في بعض لقاءاتها معه مشيرة الى أن صدّام كان يتوقع الاعدام.
ونقلت عنه في هذا الاطار قوله «أتوقع أن يعدمونني... أنا خلقت هنا... وعشت هنا... وأريد أن أموت هنا (في العراق)... أنا يهمّني حكم الشعب».
وأضافت «أذكر أنني أخبرته في لقاء جمعني به بعد حرب لبنان وأخبرته بانتصار المقاومة اللبنانية في جويلية 2006، وقد كان سعيدا بهذا النصر».
ونقلت عنه قوله «إذا كان جزء من لبنان قد فعل باسرائيل هكذا فماذا لو اجتمع في نفس الوقت جزء من العراق ولبنان وفلسطين وسوريا والأردن ومصر... فسوف لن تكون هناك اسرائيل».
وأضافت «صدام كان في لقاءاتي معه غير مهتم بشخصه كثيرا بل مهتما ومهموما بوضع الأمة العربية... كان يسأل عن حال فلسطين وعن حال كل الشعوب العربية... باستمرار» مشدّدة على أنه يبقى زعيم الأمة الذي رفع رايتها ودافع عن شرفها وكرامتها. وقارنت في هذا الاطار بين نهاية صدام ونهاية الرئيس الامريكي السابق جورج بوش... وكيف أن صدّام انتهى بطلا فيما كانت نهاية بوش تحت قصف النعال...
د. نوري المرادي ل «الشروق»: الشعب العراقي يحيي ذكرى الإعدام... ب «المقاومة»..
تونس «الشروق» حوار أمين بن مسعود:
أكد المحلل السياسي نوري المرادي ان اغتيال الرئيس صدّام حسين وطّد علاقة الشعوب العربية بزعامتها الوطنية، موضحا ان أمن اسرائيل والولايات المتحدة تضرّر بصفة ملحوظة من بعد رحيل الزعيم العراقي.
وأضاف الخبير العراقي في الشؤون الدولية في حديث ل «الشروق» ان الشعب العراقي اثبت قوّته ورباطة جأشه ولم يزعزع الاعدام إيمانه بالمقاومة وتعويله عليها كخيار لاسترداد الحقوق الوطنية المسلوبة.
وذكر المرادي ان سعي الولايات المتحدة وعملائها الى الفصل بين القيادات الوطنية والشعوب العربية من خلال التصفية الجسدية باء بالفشل بل ان إعدام صدّام حسين وتسميم ياسر عرفات.. عمقا من الشعور الوطني لدى الشعوب التي أصبحت تنظر اليهم كرموز مناضلة.
الصهاينة والأمريكان في خطر
وأشار الدكتور المرادي الى ان رحيل صدّام حسين ساهم في تقويض امن اسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة العربية باعتبار ان صدّام حسين (مثله مثل جمال عبد الناصر وياسر عرفات..) كان قادرا على الموازنة بين تطلعات شعبه من جهة والقضايا الدولية من جهة ثانية، الأمر الذي كان يطبع سياساته بطابع الثقل الدولي، في حين ان المسؤولين الموجودين حاليا في العراق غير قادرين حتى على حماية أنفسهم.
واعتبر المحلل السياسي في ذات السياق ان تغيّب القيادات المؤهلة للموازنة بين الاستحقاقات الداخلية والسياقات الخارجية أدى الى تضخيم دور بعض التنظيمات المسلحة في المنطقة التي اصبحت تهدد أمن اسرائيل والولايات المتحدة في الصميم.
مقاومة مستمرة
وفي ردّه عن سؤال «الشروق» عن مدى وطأة الاعدام وآثاره على الشعب العراقي، أجاب المرادي ان الشعب العراقي أثبت انه واحد من أقوى شعوب العالم، ذلك انه لا يزال يقاوم الى حدّ اللحظة حيث شهد شهر اكتوبر المنصرم وبمدينة الموصل فقط تنفيذ 126 عملية عسكرية ضد الاحتلال وعملائه بالعراق، وعلى عكس ما يتصوّر البعض فإن الشعب العراقي لا يعيش تصدّعا طائفيا او تجاذبا عرقيا فالبلد الذي يمثل مقرّ الأديان لا يمكن ان يكون مركزا لتنافرها.
وحذّر من مغبة تصديق الدعايات السياسية التي تنادي ب «المصالحة» مؤكدا ان الذين يرفعون هذه الشعارات يصبون الى رمي المقاومة الوطنية سلاحها ودخولها الى العملية السياسية «الجوفاء».
دروس وعبر
وحول الدروس المستقاة من إعدام الرئيس الراحل أعرب نوري المرادي عن شعوره بالافتخار بوقوف زعيم عربي تلك الوقفة الابية والشجاعة تحت حبل المشنقة ومبديا في الآن ذاته حزنه مما سمّاه «وشاية عضو في «حزب البعث» بالرئيس» وعدم ثأر «البعث» لصدّام حسين، على حد قوله.
وشدّد على ان الأمة العربية ولود وقادرة على انجاب أمثال صدّام حسين الذين سيردون لها قيمتها بين الدول والشعوب والأمم.
مفكّر عربي يكتب: إعدام صدّام حسين.. استعادة صدّام حسين
في صبيحة، يوم النحر، يبدو طعم العيد مشوباً باحتفالية أخرى أو مشهد مأساوي آخر.. انه صبيحة اليوم الذي نحر فيه شنقاً الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
كم هو الاضطراب كبيراً في المشاعر، بين نهاية رجل اختار البقاء في المشهد العراقي الدامي حتى اليوم الأخير من حياته صارخاً ضاجاً فاعلاً وهو يردد حتى اليوم الأخير أنه يقدم حياته وروحه فداء لأمة وكرامة لعراق مسلوب الإرادة، وبين تهافت احتفالية الحقد على تاريخ رجل .
على البكائين اليوم ان يكفوا عن بكائياتهم، وعلى المحتفلين الحاقدين ان يصمتوا عن ترديد هذه الاسطوانة المشروخة عن عدالة القضاء الذي قال كلمته. وعلى التاريخ ان يطوي صفحة ليبدأ في كتابة تاريخ رجل وأمة ومرحلة. المشهد اليومي يؤرخ له كلا الطرفين وهم يعيشون هاجس اللحظة وثقل الموقف وجلال أو ابتهاج لحظات النهايات.. لكن التاريخ الحقيقي الناقد المنصف المتوخي لشروط التأريخ لن يكتب سوى بعد مرحلة تهدأ فيها النفوس وتنكشف فيه سحب الأحقاد وتعود أقلام الباحثين والمؤرخين المنصفين لاستعادة التاريخ من بين أيدي المنتصرين سواء من هذا الطرف أو ذاك.
للموت جلال أيها السادة، لكن لنهايات رجل مثل صدام حسين في عيد النحر اضطراب وقلق واكتشاف لمعنى المناسبة وحساسية اللحظة، واستعادة للتاريخ. إعدام صدام حسين هو استعادة له، وإذا لم أتجاوز تأثير اللحظة ربما قلت إنها حياة له.
لقد كفّر صدام حسين بهذه النهاية التي اختارها حتماً، وهو يواجه كل ظروف الغزو ويدرك كيف تبدو احتمالات النهايات.. لقد كفر عن أخطائه. إن صدام حسين اليوم في ذمة التاريخ، والتاريخ له ذمة لن يكتبها اليوم أولئك الصارخون لألم المشهد أو المبتهجون والمتشفون بتلك النهايات.. سيكتبها مؤرخون منصفون وقارئون محايدون. سيكتبها التاريخ عندما تتكشف الحقائق المعماة، والوثائق السرية البعيدة عن الأنظار.. سيكتبها مؤرخون في زمن آخر عندما تفتح تلك الصناديق السرية التي تكشف ملامح مرحلة لا يراد لها اليوم أن تكون ضمن مشهد مقروء لتظل جدلية الموقف بين عاطفة قومية جامحة وبين أنفاس طائفية حاقدة. ستكتب يوماً آخر عندما تتهاوى أيضاً أنظمة أخرى وتجد الفرج وثائق سرية للغاية. ان محكمة صدام حسين التي قدمته إلى حبل المشنقة في يوم النحر لم تكن سوى وسيلة لاسدال الستار على حياة رجل، عبر قضية جانبية لها عنوان الإبادة لكن لها عنوان الخلاص من الرجل الذي يحمل كل أسرار وتاريخ مرحلة.. عقلية المنتصر في عراق اليوم لم يكن لها ان ترى لها مستقبلاً وأنفاس رجل الزنزانة تصرخ فيها عناء وشقاء يومياً . ومن مؤشرات ذلك العقل الحاقد أنه قدمه عيداً في يوم عيد النحر. لا أعرف لماذا استعدت خالد القسري وهو يضحي بالجعد بن درهم في يوم النحر في بصرة العراق.. يا لثارات التاريخ، لم يكن الجعد بن درهم طائفياً لكنه كان مناوئاً سياسياً لبيت بني أمية.. إنها مأساة أمة تحمل عبء تاريخها معها وتدور في فلك الثارات قبل ان تلتمس قراءة أكثر انصافاً وعدالة ورحمة في مستقبل أمة وأجيال كان عليها ان تدفع تلك الأحقاد الطائفية لا ان تستعيدها في مشهد بالغ الأذى وفي يوم النحر الأكبر.
لو كان إعدام صدام حسين هو عامل توحيد فعلاً لعراق اليوم، وعامل اخماد فتنة تستعر وعامل استعادة لعراق موحد حر لكل أبنائه.. لو كان نهاية صفحة دامية في عراق الأمس لاستلهام عراق كريم حر مصان آمن اليوم كما تروج الحكومة العراقية.. لكان اسدال الستار على حياة صدام هو اسدال للستار على حقبة دامية مؤلمة. ولكن هيهات. إن الطغاة يتناسلون هناك، والذبح على الهوية الطائفية والمذهبية مستعر مجنون، والفرز تحت عباءة الفقيه وعمامة المرجعية قائم على قدم وساق. لا يحتاج الأمر إلى دليل على ان أنفاس الأحقاد مستعرة مجنونة، وان العراق اليوم أكثر بؤساً وقلقاً وعذاباً من عراق صدام حسين، الذي احتفل خلفاؤه بانهاء حياته يوم النحر ليضيفوا إلى سجل تلك العدالة العوراء عدالة المنتصر.. مع التحفظ على كلمة منتصر لأن عراق اليوم لا منتصر فيه وهو مرجل ضخم سيظل يغلي بكل تداعيات التفتيت والتقسيم والاحتراب.
شنق صدام حسين في صبيحة يوم النحر، وتوثيق الإعدام لحظة بلحظة، والإعلان عن اهداء تلك اللحظات الأخيرة في حياة الرجل - التي يمكن عرضها اليوم - وهو يتدلى في حبل المشنقة للشعب العراقي لا يحمل سوى عنوان واحد.. يا لثارات العراق الدامي.. يا لأحقاد العقول الأسيرة للماضي.. يا لتلك النفوس التي تتناسل حقداً واستمراء لمشهد الموت. موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي، يتحدث عن ضعف صدام حسين وارتباكه وانهياره قبل لحظات الإعدام. ألم يكف العراق دمامات التعصب المذهبي والطائفي لتبدأ حفلة الأحقاد تأخذ طريقاً معلناً قبيحاً كهذا الانتهاك في لحظة الموت الذي لم يبق له جلال. الا يكفي ان يكون الصمت عنواناً لانهاء حياة رجل والاكتفاء بهذا.
إن صدام حسين، بكل أخطائه له شهادة الشجاعة والصمود والاستبسال والجبروت، لم يفر صدام من بغداد وهو يشهد انهيار النظام، وهو موقن بالنهايات وكان بامكانه ان يفعل قبيل الغزو وهو يدرك حتماً مصير البقاء، كان بامكانه ان يشحن أمواله وأبناءه ليلحق بارصدته في الخارج - التي كانت أكذوبة كبرى من أكاذيب الحرب النفسية والإعلامية قبيل الغزو - لكن اختار البقاء مناضلاً، والذين يشنعون عليه في حفرة الأسر، هل كانوا يريدون من قائد مقاومة ان يلبس الكاكي ويخرج للشارع شاهراً سلاحه.. والذين يرون كل هذه المقاومة اليومية للقوات الأمريكية التي أوصلت الأمريكان لحد اليأس من اتمام مهمتهم في العراق هل كانوا يعقلون ان تتواصل وتقوى لو أنها لم تكن نتيجة تنظيم محكم لنظام صدام قبل سقوطه.
لا يهم اليوم ان نتحدث عن إنجاز نظام البعث في العراق على يد صدام حتى نكون أكثر انصافاً للتاريخ، ولا يهم ان نتحدث عن إيواء صدام لمليون فلسطيني كانوا يعيشون كأي عراقي آخر وهم اليوم يطاردون ويذبحون على الهوية، لن نتحدث عن إنجازات علمية أو صناعات عسكرية متقدمة لأن العبرة في تراكمها لا في استخدامها في مرحلة تاريخية معينة من أجل فرض سلطة استبداد، ولن نتحدث عن أخطاء النظام وصدام حسين على رأسه ولم تولد سوى عراق هش طائفي مفتت بمجرد ان تهاوت قبضة النظام.
لكن الإشارة اليوم إلى ان التاريخ سيكتب يوماً عن أسرار حروب نظام صدام حسين، وعن اللحظة التاريخية التي تقرر فيها خنق النظام لاثني عشر عاماً حتى الغزو واسقاطه بالقوة، وعن اللحظة التي تقرر فيها تغيير التكوين السياسي في عراق المستقبل ولصالح من؟
لن يكون هذا الإعدام سوى مشهد في تاريخ عربي مأزوم لكن خطورته أنه فاعل اليوم بلا كلل لتغيير ملامح التكوين السياسي لعراق المستقبل لصالح قوة اقليمية تنام على خاصرة العرب التي لم تعد لهم بوابة شرقية، ولصالح الكيان الإسرائيلي الذي تجرأ يوماً صدام على تهديد أمنه ولأول مرة في تاريخ العرب بواحد وعشرين صاروخاً بالستيا بعيد المدى. النهايات القاسية يفترض أن تخلق فرصا لاستلهام دروس قاسية لكن قسوة المشهد اليومي لا تعطي فرصة لاكتشاف تلك الدروس.
عبدالله القفاري
حتى لا ننسى: اعدام صدام ودلالات المكان والزمان وشهود العيان
تونس (الشروق)
المكان: مقر الشعبة الخامسة التابعة لدائرة الاستخبارات العسكرية في نظام الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين.. وفي غرفة الاعدام ضوء خافت يغطّي المكان الذي يبدأ بدرج حديدي يقود الى حبل المشنقة التي تتكوّن من حبل غليظ يتدلّى الى الأسفل حيث تقبع مجموعة من الطائفيين تبيّن في النهاية أنهم من أتباع رجل الدين الشيعي المتشدّد مقتدى الصّدر..
الزمان: فجر يوم السبت 30 ديسمبر 2006 العاشر من ذي الحجة الذي يحتفل فيه المسلمون بعيد الاضحى المبارك.
شهود العيان: أربعة ملثمين ذوي أجساد ضخمة يقودون الرئيس صدام حسين وهو مقيد اليدين الى حبل المشنقة وفي الخلفية تظهر أصوات مجموعة كبيرة من عناصر جيش المهدي الذين دعيوا خصيصا لحضور هذه المسرحية الهابطة.
قلبي معي
في ما يلي قصيدة رائعة تحمل نبضا حادا وصادقا لكاتبها الرئيس العراقي الشهيد صدّام حسين..
قلبي معي لم ينفه أعدائي
والقيد لم يمنع سماع دعاء
ما كنت أرجو أن أكون مداهنا
بعض القطيع وسادة السفهاء
من قال إن الغرب يأتي قاصدا!
أرض العروبة خالص السراء؟
من قال إن الماء يسكر عاقلا؟
من قال إن الظلم يرفع هامة!
ويجر في الأصفاد كل فدائي؟
من كبّل الليث يكون مسيدا
حتى وأن عد من اللقطاء
إني أحذركم ضياع حضارة
وكرامة وخديعة العملاء
هذا إبائي صامد لا ينحني
ويسير في جسمي دم العظماء
أعراق إنك في الفؤاد متوج
وعلى اللسان قصيدة الشعراء
أعراق هزّ البأس سيفك فاستقم
واجمع صفوفك دونما شحناء
بلغ سلامي للطفولة بُعثرت ألعابها
بين الركام بتهمة البغضاء
بلّغ سلامي للحرائر مزّقت
أستارها في غفلة الرقباء
بلّغ سلامي للمقاوم يرتدي
ثوب المنون وحلة الشهداء
بلّغ سلامي للشهيدين وقل
فخري بكم في الناس كالخنساء
أرض العراق عزيزة لا تنحني
والنار تحرق هجمة الغرباء
يحيى العراق بكل شبر صامدا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.