باع شيخ عقارا إلى رجلين سنة 1987 ثم باعه مرّة ثانية سنة 2003 إلى امرأة أخرى، وادّعى حسن النية لجهله بالقانون. فتمّ ايقافه وإحالته على المحكمة بتهمة البيع مرّتين. وتفيد الوقائع أن المتهم وهو أمّي ومتقدّم في السن باع عقارا إلى شاريين اثنين بموجب عقد بيع محرّر في 7 نوفمبر 1987 بمبلغ 39 ألف دينار قبض منها 25 ألف دينار وتخلّد بذمة الشاريين 14 ألف دينار يدفعانها عند إتمام البائع للمقاسمة مع بقية الورثة وجاء في الكتب أن على البائع أن يحرص على إتمام هذه المقاسمة. وطالت الاجراءات الادارية والفنية، ولم تتم المقاسمة إلا سنة 2000 . وعوض أن يتصل البائع بالشاريين لإتمام عقد البيع وقبض بقية المبلغ، عمد إلى بيع العقار مرة ثانية في سنة 2003 ولما علم الشاريان الأولان بالأمر اشتكيا البائع إلى القضاء ذاكرين أنهما كان يستغلان العقار منذ سنة 1987 وأنهما غرسا به أشجارا وقدما ما يثبت اشتراءهما لهذه الغراسات سنة 1998 . ولما أحضر المتهم موقوما أمام احدى الدوائر الجنائية بمحكمة منوبة في الأيام الماضية اعترف بما نسب إليه مؤكدا انه فعل ذلك على حسن نية وسوء تقدير منه. وقد ذهب المحاميان اللذان دافعا عنه إلى ان الكتب الذي اعتمده زاعم الضرر هو «وعد بيع» لا عقد بيع وان من حرّره كان مخطئا في التعبير. والكتب ينصّ على شرط للبيع: هو إتمام المقاسمة وكل كتب فيه شرط لا يمكن اعتباره عقد بيع ولكنه «وعد بالبيع» وذلك حسب فقه القضاء التونسي. ووعد البيع لا يضمن نقلة الملكية. ومما يدل على ان العقار لم تنتقل ملكيته إلى الشاريين، بقاء صاحبه الأصلي به يستغله لمدة 16 سنة كاملة. وهو ما يؤكده الشهود، وليس هناك أي دليل مادّي على استغلال الشاريين للعقار. ثم إن الشارية الثانية التي اشترت العقار تحولت على عين المكان ورضيت بالحالة التي كان عليها والشاريان الأولان يعلمان ذلك ولم يعارضا الشارية. كما انهما لم يسعيا إلى الاتصال بالبائع لاتمام عقد البيع، عندما علما باتمام المقاسمة. ويرى المحاميان، اعتبارا لتقدم المتهم في السن ولجهله القراءة والكتابة أنه كان على حسن نية وأن العبرة، حتى في الكتائب، بالمقاصد لا بالألفاظ والتعبير. ولذلك طالبا باعتبار القضية مدنية لا جزائية، كما طالبا بالافراج عن منوبهما ليتيسّر له جمع مبلغ 25 ألف دينار وارجاعه إلى الشاكيين وإقامة الصلح عليهما. وذلك أجلت المحكمة النظر في القضية لاجراء الصلح بين المتخاصمين، ليتم على ضوء ذلك اصدار الحكم.