اقترب من أرضه، اختبأ وراء سيارته خوفا من التفطن اليه مكتفيا بالتقاط بعض الصور ثم انصرف وهو يحلم بيوم يتمكن فيه من دخول أرضه والسير فوقها قبل التصرف فيها بالبناء مثلا... السيد لمجد الماكني اشترى قطعة أرض من بلديةسيدي ثابت منذ سنة 1995 ودفع ثمنها لكنه الى الآن عاجز عن التصرف فيها مثله في ذلك مثل العشرات من المواطنين الذين اشتروا مقاسم سكنية في منطقة حي المباركة المعروفة باسم سانية العياري دون ان يتمكنوا من التصرف فيها. فما هو سبب هذا الاشكال العقاري الذي ألحق الضرر بالمواطنين المتعاقدين ووضع بلدية سيدي ثابت في موضع اتهام؟ أرض شاسعة، أشجار زيتون كثيفة على امتداد مساحتها (42 هكتارا)، مسلك طيني غير معبد، منزل ريفي متواضع تطوقه الاعشاب من جهةوركام من الحطب رُصف في جهة أخرى من المكان. نُباح كلب من الحجم الكبير يبدو أنه وضع في واجهة هذه الأرض ليقف بالمرصاد لكل غريب قد يحاول الدخول... هذا ما يمكن ان تلحظه حال مرورك من سانية العياري بمنطقة حي المباركة في سيدي ثابت من ولاية أريانة. كان من المفترض أن نجد عشرات المساكن او على الأقل عشرات المقاسم المهيأة عمرانيا برسم حدود كل منها على الأقل! لا سيما وأن العديد من المواطنين اشتروا مقاسم من هذه الأرض لكن لا أحد منهم تسلم مقسمه منذ سنوات طويلة. «منذ 1993» السيد العربي بوشريط موظف وأب لأربعة أطفال اشترى قطعة أرض منذ سنة 1995 مسجلة بادارة الملكية العقارية يقول: «قمت منذ سنة 1995 بشراء مقسم بحي المباركة على أساس بناء منزل لعائلتي لكني لم أتمكن من التحوز بأرضي لأن البلدية تدعي انها لم تصف بعد أملاكها مع الدولة. وقد قمت بالاتصال بالمصالح المختصة في إدارة البلدية فأعلمتني أن البلدية اشترت المقاسم من الدولة حسب عقد اسناد سنة 1995 تلاه عقد تسجيل بتاريخ 9 12 1996 وتمم بكتب توضيحي مسجل بتاريخ 28 7 2003 ثم أخبرتني بأنها تنتظر العقد التكميلي ليصبح العقار مسجلا باسمها فلماذا إذن تسرعت وتصرفت بالبيع في المقاسم وهي لا تملكها؟ ويضيف السيد العربي «نحن نعيش في وضعية اجتماعية ونفسية صعبة جراء الغموض الذي يحيط بهذا الاشكال الذي لم نجد له تفسيرا واضحا... فقد بعثت لنا البلدية بعدة مكاتيب ومراسلات تؤكد فيها قرب تمكيننا من حقوقنا بشكل نهائي ثم ما تلبث ان تتراجع بدعوى تعنت الاشخاص المتحوزين لهذه الاراضي غير المهيأة الى اليوم...» فمن هم هؤلاء المتحوزون؟؟ اعتداء المتحوزون في سانية العياري أفراد عائلة موسعة ولدوا ونشؤوا في هذه الأرض منذ فترة الخمسينات فاعتبروها ملكا لهم لكن البلدية قامت ببيع هذه الأراضي الى آخرين على أن تجد للمتحوزين حلولا أخرى مما تسبب في حدوث حالات شغب حرمت المشترين من التصرف في قطع الأرض بالبناء وأدت بهم الى الدخول في صراع آخر مع المتحوزين. السيد لمجد الماكني موظف لم تمكنه البلدية هو أيضا من مقسمه منذ فترة طويلة رغم المراسلات والمكاتيب العديدة التي وجهها الى المصالح المختصة بدءا بادارة البلدية والتي تحدث فيها عن ظروفه القاسيةإذ أن له ابنة معوقة وهو يعيش على وجه الكراء في منزل متواضع أثرت رطوبته سلبيا على حالة ابنته المريضة. 3 رخص بناء يقول السيد لمجد: «الى اليوم لم أتمكن من مقسمي بصفة فعلية وقانونية لأن البلدية بالاضافة الى ما تقوله عن مشكلة تصفية الأملاك مع الدولة لم تتدخل بشكل جدي لتحدد المقاسم ميدانيا خوفا من الأهالي المتواجدين هناك وتركت الأمر للشاري وهو أمر غير معقول إذ كيف لنا أن نتصدى للمتحوزين في حين تقف هي كبائع مطالب بتهيئة الملك الذي باعه وقفة المتفرج دون حراك. لقد اتصلت بالمصلحة الفنية للبلدية عديد المرات وفي كل مرّة كنت أجد وعودا لا تغني من جوع، فمثلا في سنة 2006 تلقيت مكتوبا من رئيس البلدية مفاده ان البلدية لم تتراجع في التفويت بالبيع وأنها تدعوني الى الاتصال بالمصلحة الفنية لأحصل على المقسم وما راعني الا تصدي مجموعة المتحوزين لي بالعنف دون أن تتدخل البلدية. لقد تعبت من اللهث وراء حقي المشروع، لي 3 رخص بناء منذ سنة 1998 غير مستغلة الى اليوم دون جدوى ودون تدخل من الجهات المعنية وخاصة منها البلدية التي تعتمد أسلوب المراوغة والوعود عوضا عن العمل الفعلي لتسوية وضعياتنا العقارية الحرجة...». وتجدر الاشارة الى أن البلدية مدعوة حسب القانون لضمان المبيع والمقصود بذلك ان يكون خاليا من المعارضة والشغب ويكون مقسما ومهيئا اذا كان أرضا حسب الفصل 632 من مجلة الالتزامات والعقود وهو ما لم تطبقه ادارة البلدية حيث لم تهيئ المقاسم تهيئة عمرانية حسب ما ورد بالنص القانوني وما ذكرته بنود الاتفاق في نص البيع الذي تضمن ايضا الزامية تحويز المشتري قطعة الارض بعد دفع الثمن واتمام الاجراءات القانونية. تدخلات من مكاتبة الموفق الاداري وولاية أريانة الى تقديم عريضة شكوى الى وزارة الداخلية والتنمية المحلية ومنها الى القضاء كحل لاسترجاع الحقوق والتدخل العاجل لحل الاشكال... هي طريقة اتبعها بعض المتضررين. السيد العربي يقول: «البلدية أغلقت الأبواب في وجوهنا فالتجأنا الى تدخل بعض الأطراف الأخرى علها تساعدنا في المطالبة بأملاكنا وفعلا حصلت بعض المساعي التوفيقية من هذه الجهات الا ان البلدية كالعادة لم تسع لحل المشكل. فشخصيا التجأت الى الإعلام من خلال احد البرامج التلفزية وماراعني الا الحل الظالم والقاهر الذي اقترحته البلدية وهو قطعة ارض صغيرة قرب مجرى الوادي بسيدي ثابت أقل مساحة من مقسمي وهو ما رفضته لأنه من غير العدل ان انتظر 15 سنة لأجد اقتراحا بقبول ارض محاذية للوادي او ان أفسخ عقد البيع علما وأن عملية فسخ العقد معقدة جدا ولا تعوضني عن الخسائر المادية التي تكبدتها في شراء المقسم والقضايا الادارية التي قمت بها. حسن نية اتصلنا ببلدية سيدي ثابت باعتبارها الطرف الأساسي في هذا الاشكال والتقينا السيد كمال الوحيشي كاتب عام البلدية فقال: «سنة 1993 اشترت البلدية ما يقارب 42 هكتارا من الدولة على اساس تسوية اوضاع «المتحوزين» وفي نفس الوقت المساهمة في تعميم السكن الاجتماعي من خلال خلق مقاسم اجتماعية للعائلات المعوزة ثمن هذا العقار هو 392 ألف دينار مازالت البلدية الى يومنا هذا تدفع أقساطه لم نتحصل بعد على شهادة ملكية لأن العقار الى اليوم باسم الدولة وهو ما لم يفهمه اصحاب هذه المقاسم، نحن ننتظر الكتب التكميلي ليصبح العقار مسجلا باسم الدولة... يقر الفصل 8 من عقد البيع بين البلدية والدولة بأن ديوان قيس الأراضي يقوم بموافقة وزارة أملاك الدولة بأشغال تيبوغرافية تتمثل في استخراج القطعة المباعة ويجري بشأنها عقدا تكميليا باسم البلدية. الامر إذن ليس مرتبطا بالبلدية بقدر ما هو مرتبط بالوزارة المعنية من ناحية وبديوان قيس الاراضي من ناحية أخرى وإلا تصبح العملية اعتداء علىعقار مسجل. ويضيف السيد الكاتب العام: «في إطار ميزانية البلدية تم رصد 64 ألف دينار لتهيئة مقاسم حي المباركة علما وأننا لم نكن نعلم أن المتحوزين سيقومون بالشغب ورغم أننا لم نملك سلطة قضائية كما هو معلوم إلا أننا قمنا بدور توفيقي يتمثل أساسا في التحاور مع العائلات المتحوزة بالارض وهناك إمكانية إعطائهم هم أيضا مقاسم سكنية الى جانب المشترين. طرد بالعنف السيد يوسف المثلوثي مهندس البلدية توجه في شهر مارس من سنة 2006 لتمكين أحد المالكين من مقسمه إلا أنه وبدخول الارض لغاية تحويز الطالب برز له رجل وشابان وثلاثة نساء من منزل يوجد بقطعة الارض المذكورة ومنعوهما بالقوة والعنف اللفظي من إتمام العملية... ورغم التزام جميع المواطنين بخلاص كل الاداءات البلدية حتى الرصيف على أمل إخلاء المكان من الشغب تخير البلدية الانسحاب من المواجهة مع هؤلاء المتحوزين وتؤجل ذلك حتى تتسلم العقد التكميلي من وزارة أملاك الدولة والذي تنتظره منذ سنة 2003 على حد تأكيدها. ولكن لماذا لم يتم إبرام هذا العقد التكميلي الى اليوم؟ قد لا يستطيع أي طرف الاجابة عن هذا السؤال باستثناء وزارة أملاك الدولة.