نهاية عام إداري وبداية عام جديد.. إنها فرصة لتقييم الأوضاع العربية ومناسبة لإجراء جرد للملفات والمسائل التي تشغل الشعوب العربية. قبل عام كان حالنا أحسن ففي الأثناء، سقطت لنا عاصمة عربية جديدة تحت براثن الاحتلال. إذ كنا نمني النفس ونحلم باستعادة القدس فإذا بنا نبتعد عنها كل يوم أكثر وأكثر. وبينما كنا قبل عام نتطلع الى أجزاء «محترمة» من الأراضي الفلسطينية فقد صرنا الآن نشك في إمكانية قيام دولة فلسطينية مهما كان حجمها ومهما كانت مساحتها وشكلها وأيا كانت عاصمتها فآلة الحرب والجرافات الإسرائيلية وسياسة شارون المتعطشة للدماء الفلسطينية والشرهة تجاه الأراضي العربية في فلسطين ما انفكت تقضم كل يوم أجزاء جديدة من هذه الأراضي وتلتهم المزيد من المزارع وتضم القرى فيمايتجسم جدار الفصل العنصري الحديث يوما بعد يوما ليفرض سياسة الأمر الواقع ويكرس التفوق العسكري والدبلوماسي الاسرائيلي والعجز العربي على كل الأصعدة (الا الجنسي منه!) فنحن عاجزون عن ابلاغ صوتنا في المحافل الدولية واستصدار القرارات الأممية الحاسمة التي من شأنها أن تطوّق سياسة شارون وتضع حدا لأحلامه التوسعية وأطماعه الاستعمارية ونحن عاجزون عن إقناع حاميه الأمريكي بأن مصالحه معنا وليست مع الطرف الثاني ونحن عاجزون بما أوتينا من امتداد جغرافي وكثرة عددية وموارد طبيعية ومصادر للطاقة التي يحتاجها الغرب من إمالة الكفة لصالحنا والدفاع عن مواقفنا والمحافظة على مقدراتنا ومستقبل امتنا. فهل العيب فينا أم في حكامنا أم في أعدائنا أم في بقية العالم. هذا الوضع رضينا به وصرنا نتعايش معه بصفة طبيعية وودية لكن كل ما صرنا نخشاه أن لا تتعكر أحوالنا أكثر وكل ما صرنا نقدر عليه هو أن نتمنى أن لا يحل بنا عام قادم ونحن قد خسرنا عاصمة عربية أخرى، لا قدر الله، أو سلبنا حقوقا جديدة فننسى بذلك مصائبنا وهمومنا السابقة ونصبح لاهثين وراء أمل وحيد: أن تبقى أحوالنا على ما عليه من رداءة على حالها وأن لا تزيد تدهورا وتعقيدا.. (ألم يقنع بعضنا نفسه بالانهزامية والاستسلام).