لا حديث بين المترددين على قاعات السينما في العاصمة هذه الأيام، إلا عن الفيلم المصري «سهر الليالي» الذي انطلق عرضه في القاعات منذ الأحد الماضي. ويلاقي الفيلم حاليا، رغم «رداءة الطقس» التي تحول في الغالب دون تحوّل الجمهور الى قاعات السينما، إقبالا مذهلا، وخصوصا من قبل الشباب ولعلّها المرّة الأولى منذ شريط «مافيا» الذي يسجل رقما قياسيا على مستوى الاقبال في الموسم الماضي، اضطرّت قاعة سينما «أ. ب. س» حيث يعرض فيلم «سهر الليالي» الى غلق شباك التذاكر في أكثر من عرض نظرا لامتلاء القاعة.. وهنا، ربما يتساءل الواحد، عن سرّ كل هذا الاقبال على الفيلم وعن سرّ نجاحه بهذا الشكل الاستثنائي تقريبا؟! سهر الليالي يحمل الشريط امضاء المخرج المصري هاني خليفة، والسيناريست ثامر حبيب.. وهذه أول تجربة سينمائية بالنسبة لهما، إذ عمل الأول منذ تخرجه من معهد السينما كمساعد مخرج لمدة عشر سنوات.. كما لم يكتب السيناريست عملا يذكر، قبل «سهر الليالي».. ولأول مرة تقريبا يجتمع في الفيلم ثمانية نجوم في التمثيل والبطولة خصوصا وهم : منى زكي، وأحمد حلمي، وحنان ترك، وشريف منير، وعلا غانم، وجيهان فاضل، وخالد أبو النجا، وفتحي عبد الوهاب، وكلهم من الجيل الجديد، والمحبوب لدى الشباب بالخصوص. الخيانة الزوجية والفتور الجنسي ويحكي الفيلم قصة أربعة أصدقاء يمرّون بتوتّر شديد في علاقاتهم العاطفية، سواء مع زوجاتهم أو مع صديقاتهم.. ويكون حفل عيد ميلاد أحد الأزواج، الموعد الحاسم في اثارة هذا التوتر وتحويله الى خلاف حقيقي ينتج عنه انفصال بين الأزواج الثلاثة وزوجاتهم، والصديق وصديقته.. وهكذا يجد الأصدقاء الأربعة من الرجال، أنفسهم وحيدين، يستحضر كل منهم أسباب فشله العاطفي والزوجي بدءا من الخيانة الزوجية ، وصولا الى الفتور الجنسي. كما يكتشف أحدهم فشل علاقته الزوجية بسبب التقارب الطبقي بينه وبين زوجته، ويعترف أعزب المجموعة بخوفه من الزواج الذي يمثل في نظره سجنا. مشاهد جنسية موظفة وعموما يطرح الفيلم قضية حساسة وواقعية ومسكوتا عنها في المجتمع العربي، وهي العلاقات الزوجية وما يدور في المخادع من خيانات زوجية وفتور جنسي بين الأزواج، وهي قضايا نادرا ما تناولتها السينما العربية.. وعمد المخرج هاني خليفة في «سهر الليالي» الى اخراجها للضوء كما هي، دون تغليف أو حشمة مصطنعة الى درجة تصوير بعض المشاهد الجنسية على الطريقة الغربية. وربما كانت جرأة المخرج في تناول هذه القضايا سينمائيا وراء نجاح الفيلم وإقبال الجمهور عليه وخصوصا الشباب العربي الذي وجد نفسه في الأحداث وأحسّ أن الشخصيات قريبة منه وتعيش بجانبه. كما أن اختيار المخرج، لثمانية نجوم دفعة واحدة، من الجيل الجديد الناجح والمحبوب جماهيريا، ساهم بقدر كبير في نجاح الفيلم.. هذا بطبيعة الحال، الى جانب الأداء الجيد والمحكم لهؤلاء النجوم، والمستوى الفني العالي الذي أنجز به العمل، وخصوصا في مستوى الاخراج وبناء الأحداث، وتصميم المشاهد حسب الحالات والوضعيات. وقد أجمع كل النقاد تقريبا على قيمة العمل الفنية ومراوحته بين جمالية السينما وما يطلبه المشاهدون من قضايا تعكس واقعهم الحقيقي.. وتكفي هذه القيمة لترشحيه لأوسكار الأفلام الاجنبية في أمريكا، وهو ما يتردد حاليا في مصر والبلدان االعربية.