منذ أيام التقيت بأحد الاصدقاء المسرحيين فحدثني عن مشروع جديد سيجمعه بالشاعر البشير القهواجي في قراءة جديدة لمسرحية «عطيل» لشكسبير. هذا الخبر أسعدني جدا لانه سيعيد القهواجي الى الكتابة وعالم المسرح والشعر وهو الذي عرفنا نصوصه في عمر مبكر بالنسبة لي في مسرحية «بيارق الله» و»المحارب البربري» قبل أكثر من عشرين عاما. فالبشير القهواجي شاعر مجدد ينهل من ثقافة عميقة مزدوجة اللغة متعددة الاهتمامات لكن السنوات التي قضاها دون عمل أفقدته الحماس ودفعته الى الاعتكاف في القيروان وتأسيس قطيعة مع المشهد الثقافي. الآن... عاد الحماس للبشير القهواجي الذي استعاد حب الاقامة في تونس العاصمة والتصالح مع مشهدها ومقاهيها وشوارعها وهو الذي كان أحد نجومها في السبعينات... عاد البشير القهواجي الى زواياه في الشارع الكبير. كلما التقيته صدفة ألتقي بالامطار ذلك أن القهواجي كان دائما مطرا من الحب في برد العزلة تلك العزلة التي اختارها على طريقة الزهّاد والمتصوّفة غير عابئ بأي امتياز مادي أو أدبي منصرف الى قصيدته ومسرحيته ويومياته. كلما فكرت في البشير القهواجي أدرك كم من موهبة ضاعت في كواليس الثقافة التي طالما أهملت الكفاءات طيلة سنوات وأعدمت الموهبة إذ تسلّق أنصاف الموهوبين ومحترفي العلاقات العامة من خلال عديد المؤسسات الثقافية في الستينات والسبعينات وقتلوا الاصوات الاسثنائية التي اختارت العزلة مثل البشير القهواجي وخالد النجار وغيرهما. عودة البشير القهواجي الى المسرح والكتابة ستجعلنا ننتظر نصا مسرحيا في روعة «بيارق الله» وأبو القاسم الشابي والمحارب البربري.