عُمر التعاونية الوطنية للطلبة التونسيين اليوم 16 سنة، لكنها رغم ذلك لم تعرف نشاطا وحركية وحضورا في صفوف الطلبة الا خلال الاشهر القليلة الماضية... ندوات ولقاءات في مختلف المجالات ونواد واصدارات واحاطة نفسية واجتماعية ومادية بالطلبة وغيرها من الانشطة التي حققتها التعاونية منذ بداية الصائفة الماضية. وحتى نسلّط الاضواء على هذا الهيكل الطلابي «الشروق» تحوّلت الى مقرّ التعاونية الكائن بالطابق الارضي للمبيت الجامعي ابن خلدون بالعاصمة، وكان هذا اللقاء مع رئيسها السيد رشاد الخرباشي. سألناه: * تعاونية للطلبة التونسيين... كيف تعرّفون بها؟ هي ببساطة هيكل طلابي بُعثت بأمر من سيادة الرئيس زين العبادين بن علي في نوفمبر 1987 . وهي قناة تعامل مع الشباب الطالبي قصد العناية به اجتماعيا وتوفير مجالات العمل الثقافي والرياضي والوطني له. وهي في الحقيقة تحقيق لحلم طلابي قديم راود الطلبة التونسيين الذين هم في حاجة ماسة لجمعية خيرية اسعافية تقف الى جانبهم خلال مدّة الدراسة وتساعدهم على ابراز مواهبهم وتحيط بهم اجتماعيا وصحيا. * اذن هي بالاساس جمعية خيرية؟ صحيح، ولكن حتى لا يقتصر دور التعاونية الوطنية للطلبة التونسيين على العمل الاجتماعي فقط فاننا نسعى الى تطوير برامجها الموجّهة للطلبة وخاصة في الميدان الثقافي والرياضي والسياحي والترفيهي ليتمكّن الطالب من ممارسة الهواية التي يرغب فيها، ويتعرّف على ربوع تونس ويتفتح على المحيط الخارجي ويقيم علاقات مع غيره من الطلبة التونسيين والاجانب. * الادوار التي ذكرتموها طموحة ومشجّعة للطلبة، ولكن ماذا حققتم منها على ارض الواقع؟ لقد سعيت منذ ان توليت رئاسة التعاونية في جوان الفارط الى تحقيق كل هذه الادوار حسب الاولوية في الزمن. والبداية كانت بتوفير بعض فرص ا لعمل الموسمي لعدد من الطلبة في بعض المؤسسات الاقتصادية وذلك بهدف الحدّ من مفهوم التواكل على غرار التجارب التي خاضتها اجيال من طلبتنا في عدد من الدول الاوروبية، وسنواصل في هذا الطريق مستقبلا. كما أوجدنا فرصا للترفيه المفيد لعدد من الطلبة الذين يجدون صعوبة كبيرة في تحقيق ذلك. بداية ومع السنة الجامعية انطلقنا في اسناد المساعدات الاجتماعية لعدد من الطلبة (مساعدات عينية أو التكفّل بمصاريف السكن بالمبيتات العامة). كذلك مساعدة الطلبة المعوزين الذين استوفوا حقهم في السكن بالمبيتات العامة وأيضا توجيه الطلبة للاقامة بالمبيتات الخاصة او مبيتات منظّمة التربية والاسرة. كما قمنا بتجربة جديدة هي اسكان الطلبة لدى العائلات الراغبة في ذلك، طبعا بعد دراسة ملف الطالب ووضعية العائلة. وبداية هذه التجربة كانت مع 20 عائلة تقوم الى اليوم بايواء عدد من الطلبة. من جهة أخرى انطلقنا في تغطية مصاريف المطاعم الجامعية لعدد من الطلبة الذين هم في حاجة الى ذلك. * قلتم ان دور التعاونية ليس اجتماعيا فحسب وانما تثقيفي ونفسي وغير ذلك، فما هي انشطتكم في هذه المجالات؟ لدينا خلايا نشاط لا تتوقف الحركية فيها من ذلك خلية الحياة الجامعية التي تعنى باستقبال الطلبة وتعريفهم بالتعاونية وخدماتها وتحثهم على الانخراط بها وترشدهم وتوجههم الى المصالح المختصة وتساعدهم على حل المشاكل التي تعترضهم اثناء دراستهم. كما أن هناك خلية الاحاطة النفسية والاجتماعية والصحية وتعنى بمساعدة الطلبة على تخطي الصعوبات النفسية والصحية وتكوين الملفات الاجتماعية. كما تقوم بالتوعية والتثقيف الصحي وتوفير كل المعلومات والمطبوعات حول صحة الشباب والطلبة وتربط الصلة بين الطالب والمصالح الطبية المختصة. وتقوم هذه الخلية بمعدّل خمس عيادات يوميا، وسيتم قريبا بعث خط هاتفي على ذمة الطلبة للاستماع الى مشاكلهم ومشاغلهم النفسية. أما خلية الثقافة والترفيه فهي تُعنى بكل الانشطة الطريفة ثقافية او ترفيهية في شكل نواد في الموسيقى والعزف والفكر والأدب والرسم والفنون الجميلة والفنون التشكيلية وجمالية الخط والرقص الرياضي والفني. وهناك تجربة جديدة وتتمثل في ناد للعمل التطوعي والدفاع المدني. والهدف منه ترسيخ قيم التطوّع وخدمة المجتمع ومجابهة الكوارث الطبيعية، لا قدّر الله. وهذا النادي يجعل الطالب عنصرا فاعلا في المجتمع يُوظف طاقاته وامكانياته ويقدم على العمل الايجابي لفائدة الاخرين. * الدور الذي أنتم بصدد القيام به يقتضي منكم اقامة علاقات شراكة وتعاون مع عدد من المؤسسات والمنظمات والهياكل، فهل فكّرتم في ذلك؟ طبعا، فنحن لم ندخّر جهدا منذ جوان ا لفارط في اقامة علاقات شراكة وتعاون مع عدد من الجمعيات والمنظمات والوزارات والهياكل التي لها علاقة بالطالب. والبداية كانت باعادة هيكلة مجلس ادارة التعاونية بطريقة تجعل كل الوزارات التي لها علاقة بالطالب وكل الجامعات ودواوين الخدمات الجامعية ممثلة فيه. والهدف من هذا هو اعطاء دفع لتسيير نشاط التعاونية واتخاذ القرارات التي تزيل المعوقات من طريق الطالب. كما نهدف من وراء ذلك الى ضمان كل ما من شأنه ان يحقق العناية بالطالب مثلا: التغطية الصحية وذلك بالتنسيق مع ادارة الطب المدرسي والجامعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وديوان الاسرة والعمران البشري، أو تنظيم الرحلات بالداخل والخارج وتنشيط الفضاء الثقافي للتعاونية وتمكين المنخرطين من التمتع بالامتيازات في الاماكن التثقيفية او التفريهية كالنزل والمسابح والمسارح ودور السينما وغيره. ولتيسير هذه المهمة (ربط علاقات التعاون والشراكة) تم تعيين مندوبين للتعاونية بكل الولايات وهم بالاساس من المسؤولين او المديرين للاحياء والمبيتات الجامعية. * وماذا عن اصدارات التعاونية؟ البداية كانت ب «نشرية الطالب» وهي ثلاثية داخلية اخبارية تُعنى بالحياة الجامعية وقد صدر منها العدد الاول مؤخرا ونحن بصدد اعداد العدد الاول أيضا من مجلة «الطالب» وهذه ستكون سداسية (مرتان في السنة) وهي مولود اعلامي وثقافي موجّه للشباب والطلبة تحتوي على مواضيع ودراسات وبحوث ومقالات معمقة (حول الطالب والحياة الجامعية او ذات الصلة) بالاضافة الى ابداعات الطلبة من قصة ورسم وشعر وغيرها. وهنا اوجه دعوة الى عموم الطلبة والجامعيين وأهل الثقافة والاعلام للمساهمة في اثراء محتوى هذا المولود. * ما هي برامجكم وأنشطتكم المستقبلية؟ سننظّم يوم الخميس 22 جانفي الجاري على الساعة الخامسة مساء لقاء بين الطلبة ومحام ودكتور في القانون. وسيكون هذا الاخير على ذمّة الطلبة مرّتين في الشهر للاجابة على تساؤلاتهم واستشاراتهم القانونية مجانا. كما سنسعى الى تسخير بعض المؤسسات الاقتصادية لفائدة الطلبة لاقتناء حاجياتهم من ملابس وأدوات مكتبية واعلامية وغيرها بأسعار معقولة وبتخفيضات هامة. * كلمة الختام؟ أوجه تحية شكر للسادة الوزراء وكتاب الدولة وكل اطارات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا والمديرين العامين لدواوين الخدمات الجامعية ورؤساء الجامعات على الدعم المادي والمعنوي الذي لم يبخلوا به على التعاونية مما سهّل مهمتنا وجعلها تسير في طريق تحقيق اهدافنا. أجرى الحوار: اسماعيل الجربي