بعد إدراك الأزمة الليبية شهرها الخامس ونظرا لانعكاساتها على الواقع التونسي، كل يوم يمر إلا وتزداد المخاوف وتتضاعف الهواجس حول مستقبل و مصير البلدين في ظل حرب ليبية طال أمدها وأوضاع وطنية هشة في خضم ثورة لم تحسم نتائجها بعد وقد كان العامل الاقتصادي هو آخر تلك الهواجس بعد أن شهدت مختلف المواد الأساسية خاصة بمناطق الجنوب الشرقي ارتفاعا مشطا في الأسعار لم يسبق له مثيل بسبب تهافت الأشقاء الليبيين على أسواقنا التونسية لتغطية حاجياتهم الغذائية مما ينبأ بحدوث أزمة حادة قد تهدد الأمن الغذائي في الوقت الذي استقبلت فيه المنطقة شهر رمضان المعظم بعد فترة وجيزة من دخول فترة الاصطياف وهي أكثر أوقات السنة استهلاكا وإقبالا على المواد الأساسية خاصة الغذائية منها فانقطعت تماما عدة مواد من الأسواق وحتى إن وجدت فإنها تباع في السوق السوداء ولا تعطى إلا عن طريق البيع المشروط من بين هذه المواد نذكر السكر والحليب و المياه المعدنية والعصير الغلالية بأنواعه وبعض أنواع من العجين كما تضاعفت أسعار بعض المواد الأخرى كالبيض و المصبرات والحلويات و خاصة الخضر و الغلال التي بلغت أسعارا خيالية في ظل عدم المتابعة والرقابة الاقتصادية فأصبح كل تاجر يتصرف في الأسعار حسب أهوائه بالإضافة إلى الاحتكار من طرف كبار التجار مما زاد في الارتفاع المشط للأسعار. تهافت الأشقاء الليبيين أثر كذلك على المواد المدعومة كالخبز والمحروقات ممّا يكلّف الاقتصاد الوطني خسائر فادحة فأصبحت طوابير الانتظار أمام المخابز وفي محطات البنزين مشاهد عادية في جربة. فبالإضافة إلى أكثر من 10 ألاف ليبي يتواجدون الآن حاليا في جربة و ما يمثلونه من سوق استهلاكية هائلة فان كميات ضخمة من المواد الغذائية تجتاز يوميا الحدود نحو القطر الليبي بطرق شرعية وغير شرعية في إطار صفقات مغرية مع أصحاب المساحات التجارية الكبرى وكبار التجار أو مع مصانع المواد الغذائية بصفة مباشرة دون مراعاة مستلزماتنا الوطنية من الغذاء مما قد يهدد أمننا الغذائي مع استمرار الحرب في ليبيا. هذه المخاوف تتراكم يوما بعد يوم خاصة بعد غلق 3 مخابز في جربة بسبب النقص الكبير في مادة الفرينة، فلا بد من السلط المعنية الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الوضع الراهن والكثافة السكانية التي تعاني منها الجزيرة حاليا لتجاوز هذه الأزمة.