إعداد الخبز في رمضان له تقاليده الخاصة وطقوسه التي تحافظ عليها النساء أيام زمان خلال الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي وتعطيها من الوقت والاهتمام الشيء الكثير. هذه الطقوس والعادات روتها لنا الحاجة خميسة وهي من سكان باب الخضراء قائلة : لا زلت اذكر حرص النساء من سكان الربضين والمدينة العتيقة على صنع الخبز في المنزل وإعطائه قيمة كبرى خاصة خلال شهر رمضان ومن المتعارف عليه آنذاك أن شراء الخبز من السوق يعتبر عيبا وفعلا يبعث على الخجل والخوف من القيل والقال والتهكم والسخرية ولذلك كان كل من يضطر إلى شراء الخبز من السوق يخفيه تحت الجبة تفاديا للتعاليق الجارحة التي يمكن أن تطال سمعه ولا يرغب في سماعها . ولان العادات والتقاليد تمنع الناس من استهلاك الخبز غير الدياري خاصة خلال شهر الصوم فان النساء يجدن الفرصة مواتية للتفنن في إعداده وتقديمه في أشكال مختلفة ومتنوعة ووفق مراحل من الواجب احترامها والمحافظة عليها . وتبدأ هذه المراحل بإعداد خميرة العجينة التي يقع تحضيرها قبل ليلة من عجن الخبز وكانت هذه الخميرة تعد بطريقة تقليدية باعتبار انه كان لا وجود للخميرة المعروفة حاليا وكانت هناك عدد من الحكايات النسائية المتصلة بهذا الموضوع منها تواكل بعض الجارات على جاراتهن والتنصل من إعداد الخميرة ليلا والسعي إلى الحصول عليها بطرق سهلة وغالبا ما تقع بعض المناوشات بينهن حول هذا الموضوع . و الخميرة العربي هي عبارة عن قطعة من العجين توضع في رقعة من الجلد ويقع لفها جيدا وتترك ليلة كاملة في زاوية دافئة من المنزل وفي الصباح الباكر تضاف إلى دقيق القمح وتعجن جيدا وتترك لتتخمر وتكون جاهزة للعجن النهائي وتشكيلها في شكل أقراص متفاوتة الحجم والشكل . وكما اشرنا سابقا تتفنن النساء في صنع الخبز فنجد الخبز المدلل وهو الخبز الذي يضاف إليه بيضة وعدد من البهارات ك«حبة حلاوة» أو الجلجلان وغيرها من الإضافات التي من شانها إذكاء رائحة الخبز وجعله هشا ولذيذا جدا . وبعد الانتهاء من إعداده يأتي «الطراح» وهو صانع «الكواش» ليحمل الخبز إلى المخبزة وكان من الضروري وضع علامة تكتب عليها اسم رب الأسرة أو لقب العائلة وعندما ينضج الخبز يحمله «الطراح» مجددا ويعيده إلى المنازل التي اخذ منها الأطباق.