تشكو حوالي 450 عائلة تنتمي الى العديد من الأرياف بباجة الجنوبية منذ شهر تقريبا من العطش بسبب انقطاع الماء الصالح للشرب. هذا الوضع بات يهدد بكارثة حقيقية ويتطلب حلولا عاجلة . ذلك ان أهالي مشيخة الحجاج وهنشير لنغاع وهنشير منصور والعايفية فضلا عن عديد القرى المجاورة أصبحوا مضطرين الى قطع ما يزيد عن 10 كيلومترات للوصول الى أول نقطة تتوفر فيها المياه!! وقد استغل بعض أصحاب الشاحنات هذا الظرف لتحقيق أرباح استثنائية تتمثل في جلب المياه الى المواطنين بأسعار مرتفعة بل مشطة اذ بلغ سعر «بيدون» ماء الحنفية من فئة 20 لترا 500 مليم وفي ظل الحرارة الشديدة والحاجة المتزايدة الى المياه إما للشرب او الاستحمام فإن حاجة العائلة متوسطة العدد لا تقل عن 10 «بوادن» يوميا وهو ما يقتضي 5 دنانير على الأقل. في هذا السياق أفادنا أحد المواطنين انه قد اكترى شاحنة لجلب الماء من احدى القرى فكانت كلفتها 80 دينارا. الحمير لمن ليس له مال وفير لا حل لمن لا يملك «ماء يومه» غير الالتجاء الى حماره ليمتطيه فيكاد يقضي يوما او بعض يوم في سبيل تحصيل «بيدونان» من الماء فيهدر الوقت والمال و«يراق ماء الوجه» في سبيل ماء لغسل الوجه والأطراف... عن اي تنمية جهوية وريفية نتحدث في ظل غياب الحد الأدنى الذي يضمن حياة مواطن تقلصت آفاقه وكادت تنحصر تطلعاته في «جرعة ماء» تكاد روحه تطلع قبل ان يدركها. ابني.. لا تأتي الماء مقطوع!!! يعمل العديد من أبناء هذه القرى بتونس العاصمة او بباجة المدينة وهم مضطرون الى زيارة آبائهم وأزواجهم وأبنائهم من حين الى آخر في هذا السياق ذكر لي أحدهم أن أمه تنصحه بعدم القدوم رغم شوقها الشديد اليه والسبب هو أنها لا تستطيع ان توفر له ولزوجته ماء يستحمان به!!! وأرجع السيد جلول أمين مال الجمعية المائية هذه المعضلة الى عمليات التخريب التي طالت أنابيب المياه التي تربط بين القرى وقد رجح محدثنا ان تكون هذه الظاهرة راجعة الى ضعف منسوب المياه مما يجعل البعض يريد ان يستأثر بما يكفي حاجته من الماء فيحرم البقية وهو ما يقتضي اجراءات تقنية وأمنية تمنع تكرر هذه الأفعال هذا فضلا عن شرط الوعي. أمر لا يحتمل التأخير من نافل القول التذكير بالدور الحيوي معاشيا وتنمويا للماء لذلك سعى رئيس الجامعة المائية وأمين مالها الى الاتصال بكل الأطراف المتداخلة أهمها الادارة الجهوية للفلاحة والمعتمدية فضلا عن الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه والسلطات الامنية وذلك من اجل وضع حد لهذه المحنة التي أرقت الأهالي في هذه الأيام الصيفية الرمضانية الحارة.