بقلم الأستاذ نبيل المناعي يقول رسول اللّه ے «كانت بنو اسرائيل تسوسهم الأنبياء كلّما هلك نبيّ خلفه نبيّ وإنه لا نبيّ بعدي». استعمل رسول اللّه هنا فعل سَاسَ ومصدره سياسة، أي رعاية الشؤون فيكون أقرّ المعنى اللّغوي للتعبير عن رعاية الشؤون. ومارس رسول اللّه ے السياسة قبل هجرته الى المدينة فقد كتّل حوله من آمن به من الصحابة وعلّمهم الاسلام كوجهة نظر في الحياة، وتفاعل هذا التكتل بقيادته عليه السلام مع المجتمع القرشي بأن دعا الى نمط جديد من الحياة يقوم على أساس قيم وأفكار مغايرة للموجود فيكون قد مارس السياسة ببيان فساد النظم المسيطرة على المجتمع والدعوة الى مجتمع أفضل قال تعالى: {ويل للمتطفّفين} وقال{وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا} وفي نفس الوقت الذي ينشط فيه تكتل الرسول ے سياسيا كان يقول «لا تكذب وإن كنت مازحا». ويقول «نحن قوم نمزح ولا نقول إلاّ الحقّ». فكان عمل الرّسول ے وعمل من معه متّسما بالصّدق. كما أن رسول اللّه ے عندما طلب من قبيلة كلب نصرته وكان في أشدّ الحاجة لمؤازرتهم له اشترطوا عليه أن يكون الحكم لهم من بعده فرفض قائلا الأمر للّه يضعه حيث يشاء، فانفضّوا من حوله. ومباشرته للحكم في المدينة كان أساسه الصدق والوفاء بالوعود والعهود تجاه رعاياه وكل من تعامل معهم. على كلّ مسلم أن يجعل من رسول اللّه ے ديدنه وقدوته فلا يكذب النّاس إذا مارس السياسة ولا يداهن ولا يخن العهد ولا الوعد. أما إسلام الشوق الذي نراه اليوم فإنّ الذين يروّجون له فإنّهم قد جعلوا من السياسيين في أوروبا وأمريكا قدوتهم وما ادّعاؤهم لممارسة السياسة على أساس الاسلام إلا غطاء لكسب ودّ النّاس وصوتهم الانتخابي.. وسيرة رسول اللّه ے منهم براءة.