الآن أدرك بنو جلدتي بذكيهم وغبيهم من أعقلهم إلى أجهلهم ومن أجهلهم إلى أفهمهم أن الفساد كان قاطرة الدولة بكل عرباتها وبدون استثناء. وأن هذه القاطرة لا تسير إلا على سكة الطرابلسية. وأن المخلوع لم يكن سوى مجرد «شاف لنقار» رئيس المحطة وحارس السكة معنى ذلك أن الدولة كانت دولة الفساد والفُسّاد في حق البلاد والعباد. خرجت القاطرة عن السكة وانقطعت السكة وبقي السؤال اللغز: هل سقطت دولة الفساد أم سقطت الدولة وبقي الفساد والكساد؟ أعرف أنك تعرف الجواب في قاموس زخم التجاوزات والاضرابات والاعتصامات وقطع الطرقات والانفلاتات وعشوائية الطلبات وغموض الآتي... إلخ يا أخي إلخ. الكل يزعم أن البلاد دخلت في «حيط» من الاسمنت المسلح وحماة الديار ممن نصبوا أنفسهم أولياء على الشعب الكريم لا هم لهم سوى الاعداد لموسم الحج إلى الكراسي المقدسة يوم 23 أكتوبر أي في أوج موسم زراعة «القرط» عند الفلاحين وزراعة الأصوات عند الساسة. الكل ينادي الكل «أنا قيّدت وأنت آش تستنى باش تقيّد». ولا أحد يدري هل يقيّد إسمه في قوائم القرض الموسمي الفلاحي لاقتناء القصيبة والقرفالة للقرط أم في القوائم الانتخابية لبذر الكراسي في هنشير المجلس التأسيسي؟ الثابت عندي وربما عندك قبلي هو أنّ إذا تواصلت الأوضاع على ماهي عليه تركب نفس القاطرة على نفس السكة، فإن البلاد كلها مرشحة فعلا لأن تقيّد لا في قوائم القرض الموسمي. ولا في القوائم الانتخابية وإنما ستقيّد فلسة... وربّي يستر.