عبرت الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام أمس عن استيائها من العراقيل التي وضعتها امامها صفتها الاستشارية في تحقيق أهداف الثورة مؤكدةان هناك لوبي في الحكومة يعارض محاسبة الفاسدين في النظام السابق ويسهر على حمايتهم. اعتبرت الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام ان تزايد تجاذبات قوى رأس المال حول وسائل الاعلام أصبح يهدد استقلاليتها وينذر بإعادتها الى الوضعية التي كانت سائدة قبل 14 جانفي، كما أشار أعضاء الهيئة لدى استقبالهم من قبل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة في جلسة يوم امس الى ان هناك لوبي داخل الحكومة المؤقتة من مصلحته حماية الفاسدين في قطاع الاعلام الى جانب عجز الهيئة عن التحكم في القطاع بحكم صبغتها الاستشارية ما ساهم حسب راي أعضائها في تغول عدد من أصحاب المؤسسات الاعلامية المرئية. وقدم السيد كمال العبيدي في البداية بسطة عن واقع قطاع الاعلام في تونس وملخصا لتحركات ونشاطات الهيئة وبين خلاله ان النظام السابق دمر الاعلام واستحوذ عليه وطوعه لخدمة برامجه وطالت عمليات التخريب حتى معهد الصحافة وعلوم الاخبار واصبحت برامجه موجهة وتكوينه هشا ليتماشى مع رغبات النظام البائد. سري وعملت الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام وفق تصريحات رئيسها على الانفتاح على التجارب الديمقراطية في العالم القريبة من الواقع التونسي كما عملت على اصدار المرسوم عدد41 المؤرخ في 26 ماي 2011 والذي يضمن حق النفاذ الى المعلومة لكن اعضاء الهيئة أوضحوا هنا ان الحكومة المؤقتة اضافت البند 16 الذي يستثني المعلومات او الوثائق التي تحمل ختم «سري» وهو ختم متاح لكل الموظفين حسب رأيهم ويمكن ان يجعل كل الوثائق الادارية سرية. كما سعت الهيئة الى اعداد دليل للصحفيين للحملة الانتخابية والمساهمة في اعداد قانون الصحافة واصدرت توصيات لتيسير نفاذ الاحزاب الى المؤسسات الاعلامية مع مراقبة مدى حياد تلك المؤسسات في التعامل مع الاحزاب. ومن بين الصعوبات التي واجهتها الهيئة استمرار رموز النظام السابق في مراكز القرار في المؤسسات العمومية رغم مطالبة الهيئة بتغييرهم الى جانب تزايد تجاذب قوى رأس المال حول وسائل الاعلام مما يهدد استقلاليتها وتهرب مديري العديد من وسائل الاعلام من تطبيق الاتفاقية المشتركة و«تغول أصحاب المؤسسات السمعية البصرية الخاصة ومحاولتها الاستمرار في التمتع بامتيازات علما وان ذلك تم على أساس قرابتها من السلطة السابقة وبعضهم لا يخفي طموحاته السياسية». وبعد انتهاء الهيئة من تقديم تقريرها طرح أعضاء الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة جملة من الاسئلة والمقترحات ومن بينها توضيح الاستاذة سعيدة لقراش بأن الصبغة الاستشارية للهيئة تفقدها صفة السلطة الرابعة والفعلية والقدرة على اصلاح الاعلام. واشارت لقراش الى ان غياب القانون يجعل الناس تنظّر للتجاوز «منهم باعث القناة وما صرح به في اذاعة موزاييك اف ام من انه حر في بث ما يريد». قانون الغاب وفي الاتجاه ذاته اعتبر السيد انور القوصري ان البلاد اليوم تسير بقانون الغاب ومن لديه المال يفعل ما يريد ومنهم الاحزاب التي تقوم بالإشهار التلفزي حاليا والتي تظل مصادر اموالها مجهولة حسب قوله. ومن جانبه تساءل السيد محمد علي الهاني عما قدمته هيئة اصلاح الاعلام لمعهد الصحافة وللمشاكل الموجودة بالإذاعة والتلفزة الوطنيتين وللإشهار السياسي وكيفية تفعيل المقترحات التي قدمتها. هذا واعتبرت السيدة هالة عبد الجواد انه يجب ان يتم تكوين ورسكلة الصحفيين وخاصة في الثقافة العامة وتاريخ البلاد السياسي كما استنكرت محاولات استغلال المرأة والحط من قيمتها مستشهدة بالحصة التي يقدمها الشيخ عبد الفتاح مورو في قناة «حنبعل» وكيف انه لا يخاطب الا الرجال في برنامجه ويتحدث عن النساء بأسلوب مستفز مؤكدة انها نظرة سياسية «تحاول ان تذل نصف المجتمع». وتساءل السيد المولدي القاسمي عن مدى امكانية اصلاح المشهد الاعلامي وبناء منظومة مستقلة بنفس الموارد التي خدمت النظام السابق مطالبا بتحديد قائمات للصحفيين المرتزقة الذين خدموا صورة النظام السابق. وفي ردهم على الأسئلة أكد اعضاء الهيئة ان المشهد الاعلامي القديم مازال قائما وان نفس الوجوه التي خدمت الدكتاتور مازالت قائمة، مشيرين الى ان هناك بلطجة اعلامية اليوم «ونحن نسير في اتجاه خطير جدا» وان الهيئة لا يمكنها ان تفرض اي حل لطابعها الاستشاري. واكد اعضاء الهيئة ان الاشهار السياسي يضرب مبدأ استقلالية وسائل الاعلام وانه عوض النظام السابق اصبح لديها ممولون جدد مطالبون بمنع الاشهار السياسي على الأقل في هذه المرحلة الانتقالية. ولعل أكثر المواقف تعبيرا عن المأزق الذي وجد فيه أعضاء الهيئتين أنفسهم كان تدخل السيد محمد عطية الذي قال لأعضاء الهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام «هيئتنا وهيئتكم تتساويان في اللاشيء فنحن بعيدون عن تحقيق أهداف الثورة وانتم بعيدون عن اصلاح الاعلام فصفتنا استشارية».