وصل ابن خلدون القاهرة وأستقر فيها فأقبل عليه طلبة العلم للنّهل من بحر علمه ويقول عن هذا «ولمّا دخلتها أقمت أياما، وانثال عليّ طلبة العلم بها، يلتمسون الإفادة مع قلّة البضاعة، ولم يوسعوني عذرا، فجلست للتدريس بالجامع الأزهر منها . وسريعا ما عاد ابن خلدون الى دائرة السياسة ودواوين الملك فيقول «ثمّ كان الاتّصال بالسّلطان، فأبّر اللّقاء، وأنّس الغربة، ووفّر الجراية من صدقاته، شأنه مع أهل العلم، وانتظرت لحاق أهلي وولدي من تونس، وقد صدّهم السّلطان هنالك عن السّفر، إغتباطا بعودي إليه، فطلبت من السّلطان، صاحب مصر، الشّفاعة إليه في تخلية سبيلهم». واستجاب صاحب مصر لرغبة ابن خلدون في استقرار عائلته في القاهرة فكتب الى سلطان تونس رسالة هذا نصّها «بسم اللّه الرّحمان الرّحيم عبد اللّه ووليّه،أخوه برقوق السّلطان الأعظم، الملك الظّاهر، السيّد الأجل، العالم العادل، المؤيّد المجاهد، المرابط المثاغر، المظفّر، الشّاهنشاه، سيف الدّنيا والدّين، سلطان الإسلام والمسلمين، محي العدل في العالمين، منصف المظلومين من الظّالمين، وارث الملك، سلطان العرب والعجم والترك، إسكندر الزّمان، مولي الإحسان، مملّك أصحاب التّخوت والأسرّة والتيجان، واهب الأقاليم والأقطار، مبيد الطّغاة والنّغاة والكفّار، ملك البحرين، مسلك سبيل القبلتين، خادم الحرمين الشريفين، ظلّ اللّه في أرضه، القائم بسنتّه، وفرضه، سلطان البسيطة، مؤمن الأرض المحيطة، سيّد الملوك والسّلاطين،قسيم أمير المؤمنين، أبو سعيد برقوق ابن الشّهيد شرف الدنّيا والدّين، أبي المعالي أنس، خلّد اللّه سلطانه، ونصر جيوشه وأعوانه يخصّ الحضرة السّنية السريّة، المظفّرة الميمونة، المنصورة المصونة، حضرة السّلطان العالم، العادل المؤيّد، المجاهد الأوحد، أبي العبّاس، ذخر الإسلام والمسلمين، عدّة الدنيا والدّين، قدوة الموحدّين، ناصر الغزاة والمجاهدين، سيف جماعة الشّاكرين، صلاح الدّول. لازلت مملكته بقوّته عامرة، ومهابته لنفوس الجبابرة قاهرة، ومعدلته تبوئه غرفات العز في الدّنيا والآخرة» يتبع