تتجه أنظار العالم في هذه الساعات الحرجة نحو ليبيا وتحديدا نحو العاصمة طرابلس بعد دخول الثوار... وتتوالى دعوات المجتمع الدولي الى ضبط النفس واحترام حقوق الانسان والامتناع عن أية سلوكات او ممارسات ثأرية وانتقامية. وقد وجّه رئيس المجلس الانتقالي نفسه دعوة في هذا الاتجاه سعيا الى حقن دماء الاشقاء ومنع حدوث الانهيار الشامل الذي قد يغرق الشعب الليبي الشقيق لا سمح الله في حمام من الدم. ولئن كان الخوف مبرّرا من مثل هذا السيناريو المرعب الا أن الامل قائم في تحلي مختلف فرقاء الأزمة في ليبيا بأكبر قدر من الحكمة لتمكين البلاد من العبور الى شاطئ الأمان... ولتمكين الشعب الليبي من اعادة بناء مؤسساته وصياغة مستقبله في اطار من الوحدة الوطنية وبشكل يفوّت على المتربصين فرصة مصادرة ارادة الشعب الليبي وربما سيادته واستقلاله. وما تعرفه ليبيا اليوم، عرفته وان بدرجات متفاوتة شعوب عربية أخرى. ولعل أبلغ مثال هو المثال العراقي حيث تمت تجربة حلّ مؤسسات الدولة وتسلّح بعض العراقيين بمطلب اقصاء واجتثاث البعض الآخر... والنتيجة أن العراق مازال يتخبّط في تناقضات لا أوّل لها ولا آخر. والأمل كل الأمل في أن لا يتبع الليبيون هذا المنوال السيء... وأن يسارعوا الى لملمة جراحهم والالتقاء حول ضرورة اعادة بناء وطنهم وصون وحدته واستقلاله وهي أهداف نبيلة يفترض أنها تجمع كل الفرقاء على الساحة... وتصلح لتكون ارضية صلبة لمصالحة وطنية شاملة لا تقصي ولا تنتقم، بل تعبئ كل الطاقات والأدمغة والسواعد لبناء وطن يطيب فيه العيش للجميع وتحترم فيه كل حقوق المواطنة. وليتذكر كل الليبيين ان حلف شمال الاطلسي الذي زج بكامل ثقله في هذا الصراع، لم يفعل ذلك لأجل «زرقة» عيون فصائل الثوار الليبيين... انما فعل ذلك تنفيذا لأجندة يدركها القاصي والداني... وسوف يكون الامتحان الحقيقي والصعب في كيفية تحييد أهدافه الحقيقية ونواياه المعلنة والخفية وفي تأمين ظروف تطبيع الاوضاع في البلاد دون الوقوع تحت نوازع الهيمنة والتسلّط ومصادرة الارادات التي اظهرها الغرب كلما زج بنفسه في صراع مشابه. انه امتحان صعب نأمل أن ينجح فيه الشعب الليبي الشقيق لما فيه خيره ومصلحته ولما فيه خير ومصلحة المنطقة برمتها.