الاثنين 22 أوت 2011 مستشفى المرسى مساء قبل اذان المغرب، كنت أبكي وارتعد لأن ابني ذا العشر من السنين تعرض لحادث خطير على مستوى رجله والأطباء يجرون لكف النزيف وخياطة الجرح دون مخدر...وصراخ ابني يملا المستشفى ويصم اذني... وبقلب الأم احست بنهاية العالم... وبعد زوال الخطر عدت مرهقة إلى الكاف ولم انتبه الى أي شيء آخر من حولي...ضيق افق أناني...ارتميت مرهقة على سريري... ليرن هاتفي صباحا لا سمع عبر أمواجه صوت ايمان مبروك تسأل : أين أنت في الجنازة؟قلب بدهشة : جنازة من ؟ قال : سفيان الشعري...مات اليوم الواحدة صباحا على اثر سكتة قلبية بمستشفى المرسى. أصبت بصدمة بل صاعقة... لا أدري ما التعبير السليم لتلك الحالة...وتحركت الصور والاصوات في ذاكرتي بسرعة البرق، ضحكاته ونكته المتسارعة في كواليس «شوفلي حل» عندما كنت ضيفة على احدى الحلقات صورته في حجرة الملابس في القصبة في مهرجان بومخلوف قبل عرض «سعدون» منذ سنة أو سنتين وهو يمسك بيدي«وحيدة أختي هل سأنجح في الكاف...على هذا الركح...» وكنت أجيب «سفيان أنت ممثل ناجح أنت محبوب جدا» فيعيد : «هل سأنجح أنا خائف» «تسترجع ذاكرتي صوته عبر أمواج اذاعة الكاف عندما كنت أدير برامج مختصة في المسرح وصوته وأنا أقول : شكرا على وقتك سفيان فيجيب ضاحكا : أنتي أختي في كل وقت، ووقتي راو للناس لقاءاتي معه محدودة لكن حب الناس له كان غير محدود...ابني رائد الصغير الذي لا يكف عن الجري أمام جهاز التلفزة لرؤية «السبوعي» أولائك الأطفال في سفيان شو... اصوات الحب عالية لسفيان الشعري وأصوات الحسد والغيرة أيضا كانت عالية فاجعة في ساحتنا الفنية فقدان نجم شباك وفرحة تطل على شاشاتنا الصغيرة اعتقد أن كل أم ستجد صعوبة لنقل خبر فقدانه لابن لها أو لابنة....لتحاول أن تقول السبوعي رحمه الله لا يسعني إلا أن أقول رحم الله سفيان الشعري ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان ونعزي أنفسنا نحن العائلة الفنية الصغيرة في تونس تلك العائلة المشتتة والتي لا تتوقف أفرادها عن نهش لحم بعضهم...البعض خلافاتهم لا تتوقف فهل رحيل سفيان فجأة...يعلم افرادها شيئا، ويجعلهم يتوقفون للحظات أمام مقبرة أمامهم...ليعوا أن الحياة مهزلة ومسرحية تدور... لا يعرف أي كان متى تسدل الستارة..فهلا يتعلم أفراد تلك العائلة معنى الحب يا سفيان...الأكيد أن دموع محبيك تحفر خدودا وسط هذا القحط يعكس ألمهم لفقدانك... أما عن حسادك ها قد رحلت وتركتهم يبحثون عن فريسة جديدة لحسدهم لان أمثالهم حتى الموت لا يحيا شيئا جميلا في نفوسهم. والأكيد أنك ستبقى في البال إلى الأبد هنا وهناك بنفس القوة...فليرحمك الله يا صديقي.