يختلف حال رمضان بالأرياف عن حاله بالمدن من ناحية الظروف المعيشية العامة وطرق التزود بالمواد الاستهلاكية الأساسية التي تستحقها العائلات في هذا الشهر الكريم وتشتهيها بما يسد الرمق ويشبع الرغبات والشهوات التي تصبح سيدة السلوكات والتصرفات خلال الشهر الكريم. صيحات فزع أطلقها جل متساكني أرياف جندوبة بسبب نقص فادح في بعض المواد الإستهلاكية الأساسية فزارت الشروق عديد المناطق الريفية التابعة لمعتمديات جندوبةالمدينةوجندوبة الشمالية ووادي مليز وغار الدماء و... فاتضح بالفعل أن جميعها ثشكو شحا في المواد التالية : السكر الحليب الزيت السميد الكريمة الحفاضات للصغار الزبدة الطماطم انابيب الغاز المياه المعدنية . .. وبسؤال المواطنين وأصحاب محلات بيع المواد الغذائية أجمعوا على أن الشح يعود لتراجع وغياب سيارات وشاحنات التزويد الخاصة التي كانت تجوب الأرياف ليلا نهارا لتزودها بكل شيء «حتى حليب الغولة» كما يقول العم التيجاني من منطقة عباسة وادي مليز كتعبير منه على جودة الخدمات التي كانت تقدمها هذه السيارات والشاحنات الخاصة. وأضاف العم سعيد (غارالدماء ) بأنه حتى سيارات وشاحنات الشركات المنتصبة داخل المدن ورغم تعاقدنا الأدبي معها و حجزنا للكميات اللازمة إلا أنها تبطئ المجيء فنبقى ويبقى الحرفاء في التسلل وقد نضطر في أغلب الأحيان إلى اكتراء سيارات خاصة لجلب سلعنا وبأسعار ابتزازية نرضى بها نزولا عند الحاجة التي لا تتطلب الانتظار عند الحرفاء. بالإضافة لغياب المواد الأساسية بالأرياف بصفة لافتة فإن مواد أخرى قد نعتبرها كماليات وهي الحلويات الرمضانية :المخارق الزلابيا الهريسة .... والتي تمثل عند متساكني الأرياف جزءا من نكهة رمضان والتي كانت لا تغيب عن البيوت ويتزود منها أصحاب المحلات يوميا فيربحوا المال ويسعد الصائم لكنها غابت هي الأخرى ولنفس السبب وهو صعوبة التزود. أسباب وراء الوضع لمعرفة الأسباب الكامنة وراء هذا الوضع الصعب الذي أقلق سكان الأرياف وخلق صعوبة في التزود بالمواد الاستهلاكية الأساسية أكدت مصادرنا أن وراء النقص تكمن أسبابا أمنية جراء تواصل قطع الطرقات هنا وهناك بالأرياف والذي خلق تخوفا ونفورا عند المزودين إضافة لتزايد الطلبات الاستهلاكية بالمدن وكذلك تراجع انتاج عديد المنتوجات الغذائية جراء ما تعرضت له المصانع والمعامل من حرق واتلاف إبان الثورة هذا دون أن ننسى وضع دول الجيران ونمو سياسة تهريب البضائع وخاصة المواد الغذائية وهو ما خلق اختلالا في الأسواق الداخلية ونقصا ملحوظا في عديد المواد. كما أن ظاهرة اللهفة والتكالب على تكديس البضائع من قبل المواطن خوفا من النفاذ وراء الوضع. ولتجاوز الوضع الراهن وتحصيل النقائص صعبة المنال بالأرياف يتنقل أغلب أرباب العائلات بصفة دورية للمدن بحثا عن توفير مستلزمات الغذاء وهنا معاناة جديدة حيث يتطلب ذلك مشقة في السفر وطول بحث عن المبتغى قد يصطدم عند البعض بالرفض وعدم التوفر فيعود بخفي حنين. ولقد استوقفني شيخ ب«المونوبري» وهو يستجدي أحد العمال 02 كيلوغرامات من السكر كان أصحاب المكان يخبئونه مؤونة للأحباب ولكن هذا الشيخ المسكين لا حول له ولا جاه سوى الصبر قوبل طلبه بالرفض وهو القادم من الأرياف البعيدة فبقي يضرب كفا على كف ويتمتم «كيف لي أن أطبخ الشاي؟» والشاي عند سكان الأرياف قبل الخبز أحيانا. هذه واقعة تصور المعاناة وانسداد السبل أمام تحقيق الغاية رغم مشقة السفر المادية والجسدية. الوضع الذي يعيشه سكان الأرياف حري بتدخلات خاصة ونظرة واضحة حتى يتزودوا بأبسط ضروريات العيش في أفضل الظروف.