الآن، والثوار يسيطرون على كامل البلاد الليبية، تبدأ المهام الحقيقية للثورة في ليبيا... الثورة ليست ازاحة نظام حكم... وتسلم الثوار مناصبه، بل هي عمل دؤوب وتحقيق لأهداف سامية للشعب العربي في ليبيا مثله في ذلك مثل كل البلاد العربية، التي بدأت صباحا جديدا... من تونس... والثوار في ليبيا، تلقى عليهم مهمة مضاعفة، مقارنة بثورتي تونس ومصر... ذلك ان استعانة المجلس الانتقالي في ليبيا، بقوات الحلف الأطلسي وبعض القوى الاقليمية في انهاء حكم معمر القذافي لا يجب اعتباره هدية أو تدخلا «انسانيا» من غرب، يكيل اليوم وبالأمس وغدا، بمكيالين، ويقدم مصالحه على كل عمل يمكن ان يستشف منه المبدئية والانسانية... هذه آلة استعمارية وامبريالية، فيها المصالح فوق كل اعتبار. وليبيا بلد المصالح بامتياز اذا ما نظرنا الى هذه الثورة الاستراتيجية من النفط والغاز، المترامية على كافة أرجاء ليبيا... ان مهام الثورة في ليبيا، تبدو مستعصية... والمشهد الليبي، تشوبه تقاطعات خطيرة، لا يمكن حلها بسهولة... فهذه بلدان الحلف الأطلسي من دول أوروبا، لها مطامع معلنة في ثورة ليبيا وفي صفقات اعادة اعمار هذا البلد... المدمر... وهذه الولاياتالمتحدةالأمريكية، ترسم، بطريقتها أهدافها المعلنة والخفية في ليبيا النفط... وليبيا المعبر نحو افريقيا.. ولا ننسى تركيا، التي وصل وزير خارجتيها حد تشبيه ما يحصل الآن في ليبيا من هجومات عسكرية أطلسية لصالح الثوار ولمساعدتهم بدخول الرسول (صلى الله عليه وسلم) مكة فتحا... فهي كذلك، تريد ان تثبت للغرب الذي منعها من ولوج الاتحاد الأوروبي بصفة عضو كامل، أنها لاعب قوي ومؤثر عندما يتعلق الأمر ببلد عربي مسلم مثل ليبيا أو سوريا... هكذا يبدو المشهد في ليبيا بين التشعب وكثرة التحديات التي تحيق به، ومن هنا تبدو مهام الثورة في ليبيا، عسيرة تشوبها الكثير من الضبابية... في الحقيقة، نعتقد بأن الثوار الليبيين عليهم التجالس أولا، بدون حضور أي طرف أجنبي، حتى يكون الشأن الليبي بين أيدي أبنائه... والمطلوب اليوم، ليس اعلام الاهازيج والترحيب بمن «ساعد» الثوار على ازاحة معمر القذافي، من القوى الخارجية فهذه مهمة الشعب وحده، حين عبر عن ارادته في الثورة وتحقيق أهداف التحرر والكرامة وبناء نظام تعددي ديمقراطي... كما ان ليبيا الثورة، لا تحتاج اليوم الى توزيع صكوك «رد الجميل» يكون قوامها ثروة الشعب الليبي... لا أحد يمكن ان يكون له حق الافتاء في مستقبل ليبيا غير الشعب الليبي نفسه... ولمثل هذه الممارسة، في الادلاء الحر بالرأي، قنوات شرعية ومشروعة، الغرب أول من يعرفها ويعي معناها... ثروة ليبيا وثورتها، أمران غير قابلين للمساومة، وغير خاضعين لمنطق الهدية... لأنهما وحدهما ملك للشعب الليبي.. ونحن متأكدون بأن الشعب الليبي لم ينجز ثورته، ليخطط لتحقيق أهدافها خارج التراب الليبي...