فالأطراف التي أوكلت اليها مهمة دراسة مشروع المرسوم لم تكن محايدة باعتبار أنها تنتمي إلى مهنة المحاماة وفي هذا خرق صارخ لمدونات قواعد سلوك الموظفين الموضوعة من قبل الأممالمتحدة والتي تقتضي أن يكون الموظف العمومي محايدا وان لا يعمل لفائدة جهة على حساب أخرى. ان وقوفنا ضد هذا المرسوم المشين للشعب التونسي، والذي يبقى وصمة عار في تاريخ التشريع التونسي ومظهرا من مظاهر الانحطاط، نابع من إيماننا بالحقوق الإنسانية التي تبقى غير قابلة للبيع والشراء في إطار صفقات مشبوهة، وليس في إطار عداء لمهنة المحاماة التي تعتبر من بين مكاسبنا الوطنية خلافا لما يروج لذلك البعض. فالمستشارون الجبائيون كانوا ولا زالوا ضحية للقانون الإجرامي عدد 11 لسنة 2006 الذي يصر آكلو لحوم البشر وقاطعو أرزاقهم على التمسك به مثلما يتضح ذلك من خلال ديباجة المرسوم علما ان عدم الاستجابة لمطالب المهنة بخصوص استرجاع حقهم في العمل المغتصب بمقتضاه فيه خرق صارخ لإعلان مبادئ العدل الأساسية الخاص بضحايا الجريمة والتعسف في استعمال السلطة. ويكفي الاطلاع على مداولات مجلس النواب لسنة 2006 لمعرفة الأطراف التي شاركت في جريمة الفساد الإداري والسياسي التي أدت إلى قطع أرزاق المستشارين الجبائيين الذين لا زالوا ينتظرون رفع تلك المظلمة الشنيعة المسلطة عليهم طيلة عشرات السنين والابتزاز الذي يتعرضون له بعد 14 جانفي وعرقلة مشروع المرسوم المتعلق بإعادة هيكلة مهنتهم من قبل عصابة الفاسدين والذي تم اعداده سنة 1994 علما ان المطالب المنادية بتأهيل المهنة بالنظر الى المعايير الاوروبية ترجع الى سنة 1986. وللدلالة على أن المرسوم ليست له أية علاقة بتطوير المهنة ويرمي إلى الحصول على غنائم وامتيازات لا نجد لها مثيلا بالتشاريع الأجنبية، تمس بصفة خطيرة بحقوق المستهلك بصفة عامة والمؤسسات بصفة خاصة، يكفي أن يعرف المستهلك انه أخل بصفة خطيرة بالتوازن بين المحامي وحريفه ولم يتطرق إلى مسالة تنظيم الاختصاص مثلما هو الشأن بالنسبة الى الأطباء وحماية مستهلكي الخدمة من التجاوزات مثلما هو الشأن داخل اوروبا أو كندا على سبيل المثال. إن المنظمات المهنية ومنظمات الدفاع عن المستهلك مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى الى أن تتخذ مواقف حازمة وقوية وان تستنفد كل أشكال الاحتجاج بما في ذلك الإضراب الشامل والمفتوح من اجل نسخ كل القوانين التي اكتست صبغة رشوة والتي تلزم المؤسسة باللجوء الى خدمات مهنة ما ونحن على ذمتهم لمساعدتهم على جرد هذه القوانين الفاسدة التي حولت المؤسسة إلى بقرة حلوب مخربة قدراتها التنافسية. () عضو المكتب التنفيذي للجامعة الوطنية للخدمات ومؤسس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين وعضو معهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا وعضو الجمعية العالمية للجباية.