تعلن الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين عن إضراب لمدة ثلاثة أيام و ذلك ابتداء من يوم الغد الثلاثاء للتعبير عن انزعاجها من جراء الانفلات في سن النصوص التي تمثل خرقا للمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الأساسية و من أهمها الحق في العمل و في التقاضي. فالقوانين التي كانت تسن في شكل رشوة لتلبية الرغبات المافيوية و الفئوية في عهد الرئيس المخلوع كانت تخضع للمناقشة، اما اليوم فالمواطن أصبح في حيرة من أمره من جراء النصوص التي تسن في الدهاليز لتنزل عليه كالصاعقة و هذا امر خطير يستدعي من الجميع وقفة حازمة و بالأخص المؤسسات التي تم تحويلها الى بقرة حلوب لتتم مطالبتها في ما بعد بالتشغيل و الاستثمار. ان المرسوم الذي تمت المصادقة عليه لم تستشر بشأنه غرفتنا التي تعرضت في بداية سنة 2006 إلى مظلمة شنيعة من خلال اصدار القانون الاجرامي عدد 11 لسنة 2006 في اطار صفقة مشبوهة بالاعتماد على المغالطة و الكذب و قلب الحقيقة على حساب المطالبين بالضريبة و بالاخص المؤسسات و المستشارين الجبائيين الذين يعتزمون رفع قضية لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة للامم المتحدة اذا لم يمكنوا من استرجاع حقهم المغتصب في ظروف مشبوهة و فاسدة. فالعرائض المتعلقة بإرجاع حقوق المهن المتضررة من جراء القوانين التي سنت في شكل رشوة مثلما هو الشان بالنسبة لقانون 2006 لم تجد ردا الى حد الآن في خرق للفقرة 19 من إعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلق بضحايا الجريمة و التعسف في استعمال الحق. ان ما قامت به الحكومة المؤقتة التي اعلن الناطق الرسمي باسمها ان المصادقة على المرسوم جاءت بعد الاخذ بعين الاعتبار مصالح بقية الأطراف فيه تعد على الفصلين 22 و 23 من الميثاق العالمي لحقوق الانسان و الفصل 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية متعلق بحق التقاضي و الفصل 6 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. أما عدم الرد على عرائض المتضررين ففيه خرق لأحكام الأمر عدد 982لسنة 93 متعلق بضبط العلاقة بين الإدارة و المتعاملين معها و الفصل 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية. كان لزاما على الحكومة المؤقتة ان تستانس بالتشريع الاوروبي الذي لا يسمح بالغرائب و العجائب التي وردت بالمرسوم و التي لا نجد لها مثيلا بالقوانين المهنية داخل بلدان الاتحاد الاوروبي. فعلى سبيل المثال تم التطرق بفرنسا بصفة ضيقة لحصانة المحامي اثناء المرافعة و وفق شروط محددة مثلما يتضح ذلك من خلال الفصل 41 من القانون المتعلق بحرية الصحافة لسنة 1881. اما مجلة اخلاقيات المهنة الموضوعة من قبل مجلس عمادات المحامين باوروبا الذي يضم اكثر من 500 الف محام فقد حجر ان يتم التنصيص على نسبة من نتيجة العملية او النزاع بخصوص اتعاب المحامي. فالأطراف التي اوكلت لها هذه المهمة لم تكن محايدة باعتبار انها تنتمي الى مهنة المحاماة و في هذا خرق صارخ لمدونات السلوك الموضوعة من قبل الاممالمتحدة و التي تقتضي ان يكون الموظف العمومي محايدا و ان لا يعمل لفائدة جهة على حساب اخرى. ان وقوفنا ضد هذا المرسوم نابع من ايماننا بالحقوق الانسانية و التي تبقى غير قابلة للبيع و الشراء في اطار صفقات مشبوهة و ليس في اطار عداء لمهنة المحاماة التي تعتبر من بين مكاسبنا الوطنية مثلما يروج لذلك. و للدلالة على ان المرسوم ليست له اية علاقة بتطوير المهنة و يرمي الى الحصول على غنائم و امتيازات لا نجد لها مثيلا بالتشاريع الاجنبية تمس بصفة خطيرة بحقوق المستهلك، يكفي ان يعرف القارئ انه لم يتطرق الى مسالة تنظيم الاختصاص و حماية مستهلكي الخدمة من التجاوزات مثلما هو الشان داخل اوروبا او كندا. ان المنظمات المهنية مدعوة اليوم لان تتخذ مواقف حازمة و قوية و ان تستنفذ كل أشكال الاحتجاج بما في ذلك الإضراب العام و المفتوح من اجل نسخ كل القوانين التي اكتست صبغة رشوة و التي تلزم المؤسسة باللجوء لخدمات مهني ما و نحن على ذمتهم لمساعدتهم على جرد هذه القوانين الفاسدة التي حولت المؤسسة الى بقرة حلوب .