تابع منذ أسابيع الحوارات التي يقدمهاالروائي حسن بن عثمان على شاشة «نسمة» في برنامجيه «يمين يسار» و«ضيف الأسبوع» ولم أفاجأ بحرفية حسن بن عثمان ولا بإلمامه بمختلف الإشكاليات المثارة حول شخصيات سياسية أو حول مواضيع تشغل الرأي العام. ما يقدمه حسن بن عثمان هو حصيلة تجربة تمتد على مدى الثلاثين عاما تنقل خلالها بين منابر صحفية متعددة في رؤاها وأطروحاتها، من العام إلى الخاص ومن «الرأي» و«المغرب» زمن بورقيبة وصولا إلى مجلة الحياة الثقافية وقناتي 21 و 7 في التسعينات. ما يقدمه بن عثمان كان إضافة حقيقية لقناة نسمة التي استطاعت الإستفادة من كفاءات تونسية كانت بعيدة عن الأضواء التلفزية وقد أثبتت التجربة قدرة الصحفيين التونسيين على تحقيق الإضافة لقناة نسمة وهو ما تفتقر إليه القناة الوطنية 1 و 2. فبقدر الثراء الذي نلاحظه في البرامج الحوارية على القنوات الخاصة نسمة والتونسية وحنبعل بقدر ما نلاحظ ضعفا كبيرا في القناتين الوطنيتين وشخصيا لم أفهم أسبابه. فمؤسسة التلفزة الوطنية بقناتيها لا تفتقر للصحفيين الأكفاء الذي يملكون الخبرة والتجربة والقدرة على إدارة حوارات جادة وعميقة وانتاج برامج سياسية تعبر عن الحراك السياسي غير المسبوق الذي تعيشه تونس منذ 14 جانفي وقد كنا نعتقد أن مناخ الحرية والتعددية الذي تنعم به تونس بفضل دماء الشهداء رحمهم الله سينعكس إيجابا على المؤسسة لكن لا شيء من ذلك حدث فالبرامج السياسية القليلة التي نشاهدها بدت غير مقنعة وباهتة وتكشف عن ضعف كبير في إدارة الحوار وفي الإلمام بالأسئلة المثارة وهو ما يدفع إلى التساؤل عن مدى نجاعة القرار الذي اتخذته المؤسسة في عدم التعويل على منتجين ومقدمي برامج من خارجها وعلى وضع عدد كبير من الصحفيين في «الثلاجة» فالثورة لا تعني غياب النجاعة في الإعلام أو التعويل على من فشلوا في التجارب التي خاضوها منذ 14 جانفي إلى اليوم. أعتقد أن مؤسسة التلفزة الوطنية مطالبة بإعادة النظر في مسائل كثيرة أولها البرامج السياسية تصورا وفريق انتاج.