تحت شعار «تونس كما نراها»، قدمت حركة «النهضة» أمس برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي في 356 نقطة وهو ثمرة ستة أشهر من العمل والتخطيط المتكون من عدد كبير من الخبراء والمختصين في شتى المجالات. وقال أمين عام الحركة حمادي الجبالي في افتتاح الملتقى الذي انتظم أمس بقصر المؤتمرات بالعاصمة إنّ عمل قسم الدراسات والتخطيط بدأ منذ أواخر فيفري 2011 حيث اعتمد الخبراء أحدث المناهج العلمية للتخطيط ودراسة الواقع وبنوا على أساسها البرامج والأسس التي تلخصت في 365 نقطة. وأكد الجبالي أن النهضة ستكون أمينة في تنفيذ برامجها وحريصة على قبول الملاحظات والنقد لتعميق هذه البرامج وإثرائها. أولويات وقال رئيس الحركة راشد الغنوشي من جهته إنّ أولويات حركة «النهضة» هي بناء نظام ديمقراطي يقطع مع الاستبداد والعمل على توفير الشغل والعدالة الاجتماعية والتنمية الجهوية. وأضاف الغنوشي أن «رؤيتنا لتونس المستقبل تتأسس على قراءة متكاملة لموقعها الجغرافي ومكانتها التاريخية والثقافية والحضارية»، مشيرا الى أن المبادئ العامة التي تمحور حولها برنامج «النهضة» هي أن تونس دولة حرة مستقلة، الاسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها وتحقيق أهداف الثورة أولويتها. وقدم رئيس الدائرة السياسية للحركة نورالدين البحيري تفاصيل البرنامج السياسي الذي ينص على إقامة نظام جمهوري يحقق العدل والحرية والاستقرار ويقطع مع الاستبداد والفساد ويقوم على مبادئ المواطنة والحكم الرشيد. ويقوم البرنامج السياسي للحركة على أربع نقاط أساسية وهي: نظام برلماني يعيد السلطة الى الشعب مؤسسات دستورية مستقلة ومجتمع مدني فاعل المرحلة الانتقالية: توافق وطني وتركيز على الأولويات ديبلوماسية نشطة تدعم التعاون والشراكة فبخصوص النظام السياسي ينص برنامج الحركة على بناء نظام ديمقراطي يقوم على الفصل بين السلط واستقلالية القضاء وأن يكون البرلمان من غرفة واحدة يمارس المهام التشريعية والرقابية وحكومة تمارس السلطة التنفيذية وتكون مسؤولة أمام البرلمان الذي ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. أما استقلال القضاء فيمر حسب برنامج الحركة عبر تطهير سلك القضاء وتفعيل القضاء الاداري والقضاء الصلحي ووضع المنظومة العقابية والاصلاحية تحت اشراف القضاء ورقابته. ويدعو برنامج الحركة الى إحداث محكمة دستورية عليا تتولى مراقبة دستورية القوانين ويختار البرلمان رئيس هذه المحكمة. وتؤكد الحركة في برنامجها على ضرورة دعم الجيش الوطني بالامكانات المادية والبشرية اللازمة وعلى أهمية الارتقاء بالمستوى المهني والاجتماعي لضباطه وجنوده حتى يقوم الجيش بمهامه السامية المتمثلة أساسا في حماية البلاد وحدودها والمساهمة في التنمية وخاصة في ارساء البنية الأساسية والتدخل عند حدوث الكوارث. وتؤكد الحركة كذلك ضرورة إعادة هيكلة وزارة الداخلية واصلاحها بما يقدم أمن المواطن وحقوقه وتوفير الخدمات الادارية له وبناء أمن جمهوري يسهر على أمن البلاد ومكاسبها ويقطع نهائيا مع كل الأساليب المهينة للذات البشرية. وأكد البحيري خلال تقديم البرنامج السياسي للحركة ضرورة التعامل بالحكمة وتجنب الانفراد بالقرار وسيادة العقلية التوافقية والجمع بين مبدإ المحاسبة والعدالة الانتقالية وروح التصالح، وتتويج هذه المرحلة الانتقالية بانتخابات ديمقراطية تفرز مؤسسات نهائية طبق الدستور الجديد ومعالجة آثار مظالم العهد السابق وتفعيل العفو التشريعي العام. برامج ووعود من جانبه قدم الأمين العام للحركة المهندس حمادي الجبالي تفاصيل عن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي الذي وضعته الحركة تحت شعار «عدالة وتنمية ورفاه». وأكد الجبالي أن الثورة وفرت فرصة تاريخية لصياغة منوال تنموي يقطع مع سياسات الفساد والتهميش ويستجيب للتحدّيات المطروحة، ويحقق طموحات الشعب التونسي في الرقي والرفاه والحياة الكريمة. ويقوم المنوال التنموي للحركة على تحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر ومعالجة قضية التشغيل وضمان التوازن الجهوي من خلال تطوير البنية الأساسية والمرافق الاجتماعية في المناطق الأقل حظا والعمل على تحقيق الأمن الغذائي للبلاد والمحافظة على التوازنات المالية الداخلية منها والخارجية وترشيد الانفاق العمومي. وتطرح الحركة في برنامجها استحداث حوالي 590 ألف موطن شغل خلال السنوات الخمس المقبلة بما يساهم في تقليص نسبة البطالة الى حوالي 8.5٪ في أفق سنة 2016، وكذلك انتخاب المجالس المحلية والجهوية وتشريكها في الاختيارات التنموية ودراسة إحداث أقاليم تنمية تحقق التكامل بين الجهات. وينص برنامج «النهضة» كذلك على وضع خطة وطنية لتطوير السياحة تستند الى دراسة شاملة يشارك فيها كل المتدخلين في القطاع ومعالجة مديونية القطاع والاحاطة بالمؤسسات السياحية ومساعدتها على تجاوز الآثار المترتبة عن أحداث ما بعد الثورة. وتطرح الحركة برنامجها للنهوض الاجتماعي الترفيع في الأجر الأدنى الصناعي والأجر الأدنى الفلاحي بنقطة على الأقل فوق نسبة التضخم المالي بما يضمن تحسنا ملحوظا في المقدرة الشرائية لهذه الفئة من المواطنين، وتنظيم حوار وطني واسع لبحث خيارات وآليات اصلاح أنظمة الصناديق الاجتماعية والتأمين على المرض. وبخصوص التربية والتعليم والتكوين تدعو الحركة الى التمسك بالمدرسة العمومية ومجانية التعليم وإجباريته والى الترفيع في معدل مدة التمدرس في المرحلة الأساسية والاعدادية والعمل على تخفيف نسبة الانقطاع المبكر عن الدراسة. وتؤكد الحركة في برنامجها أنها تعمل على حماية مكاسب المرأة وتفعيل دورها في مختلف المجالات حتى تسهم في النهوض بالمجتمع بمنأى عن عوائق الانحطاط ومنزلقات الاستلاب وعلى حفظ كيان الأسرة وتوازنها ورعاية الطفولة.