لم يكف المستشفيات المحلية الاكتظاظ وافتقارها الى أطباء الاختصاص لتضاف إليها نقص الممرضين ونقص التجهيزات والأدوية. ومستشفى حفوز بالقيروان أحد هذه المستشفيات التي لا تزال شاهدة على معاناة المرضى بسبب تلك النقائص. يوفر المستشفى المحلي بحفوز (50 كلم غرب القيروان) خدمات صحية متنوعة من عيادات خارجية واستعجالي وتصوير طبي واقامة بالنسبة الى بعض المرضى الذين تحتاج حالتهم الصحية الى رعاية متواصلة. غير ان هذه الرعاية تظل منقوصة بشكل يجعل الخدمات المقدمة بهذه المؤسسة الصحية العمومية الموجهة الى الفئات الضعيفة من الشعب الفقير لا تستجيب للحد الأدنى من الجودة والنجاعة ليس على المستوى الدولي فحسب بل على المستوى الوطني. حيث يفتقر المستشفى المحلي الى أطباء الاختصاص ويكتفي بتوفير الأطباء العامين الذين يجتهدون في تشخيص الداء على اختلاف مكانه ومصدره بما توفر لديهم من وسائل، ثم احالة الحالات المستعصية على العلاج هنا الى المستشفى الجهوي بالقيروان والذي يعتبر أوفر حظا من مختلف الجوانب فإنه يجانب المستوى المأمول من الخدمات والاختصاصات ومنها التصوير بالصدى والأمراض السرطانية والجراحة العصبية وجراحة الأنف والحنجرة ويجعله في مرمى النقص. نقص التجهيزات ويمثل المستشفى المحلي بحفوز وجهة صحية لأعداد كبيرة من المواطنين. وذلك نظرا الى الموقع الاقليمي للمدينة التي تجاورها كل من قرى تابعة لحاجب العيون ومعتمدية نصر الله وقرى تابعة لمعتمدية الشبيكة ويلجأ معظم ساكني تلك المناطق الى مستشفى حفوز. غير ان المرضى يصطدمون في كل مرة بتواصل النقائص. ويمثل نقص التجهيزات الطبية وتقادمها الى درجة عدم صلوحيتها احدى هذه النقائص المتواصلة. حيث تشكو غرف العلاج التابعة للاستعجالي من اهتراء التجهيزات بما في ذلك حاملات مصل «السيروم» وطاولات الجراحة والادوات اللازمة للفحص. واكد احد الممرضين ان المريض الذي يقيم بالمستشفى عند الضرورة يجد نفسه كأنه في منزله تماما. وذلك ليس بفضل الراحة التي يسعى الإطار المتوفر الى توفيرها ولا تتوفر، وانما يتشابه في غياب تجهيزات طبية تساعد على العلاج والكشف عن الإصابات ومتابعتها مثل آلات الإنعاش او مراقبة الوضع الصحي من تخطيط القلب او التنفس وغيرها. وتراوح هذه النقائص مكانها رغم حاجة قسم الاستعجالي الى ظروف أفضل أمام ما يستقبله من حالات ويقدمه من تدخلات (حوادث وعنف وحروق...). بل ان جهاز تعقيم الحقن الذي بدا كأنه خردة من ميدان حرب، اكبر دليل على ان الصيانة لم تدخل المستشفى كما لم تدخله اية تجهيزات جديدة. واكد احد الممرضين ان الاطار الطبي وشبه الطبي يعمل في حدود ما يتوفر لديه من تجهيزات مطالبين بتحسين ظروف العمل والتي يؤكدون انها صعبة بالنسبة اليهم ناهيك عن الصعوبات التي يواجهها المريض العاجز. وحدث ولا حرج عن غياب عوامل النظافة والصحة والتعقيم التي تتطلبها غرفة العمليات والإسعاف. اما الدواء فلا حاجة للمريض أن يسأل عن توفره لان الصيدلية خالية وما عليه سوى شراء الدواء من الصيدلية المجاورة والمتعاقدة مع ال«كنام» رغم انها لا تنفع أصحاب بطاقات العلاج العمومي في شيء. بل ان المقر الفرعي بحفوز لم يفتح أصلا. نقص في الإطار ومن ابرز النقائص التي يشكو منها المستشفى المحلي بحفوز هو نقص اطباء الاختصاص حيث لا يتوفر اي اختصاص في منطقة تعد اكثر من 50 الف ساكن إضافة الى ما يجاورها. واذا كان من الصعب اقناع أطباء الاختصاص بالعمل بهذا المستشفى لقلة حظه ورغم الحوافز الممنوحة، فإن نقص الممرضين وتقنيي الصحة يلفت الانتباه بدوره. وعلى سبيل المثال فإن المستشفى يشكو من نقص عوني تصوير بالأشعة. ورغم توفر هذه الخدمة بالمستشفى، فإن نجاعتها غائبة بسبب عدم توفر تقني مختص للعمل خلال الحصتين المسائية والليلية. وينجر عن ذلك نقل المرضى والمصابين الى مستشفى الأغالبة بالقيروان فيواجهون عديد الصعوبات والمشاكل بداية من سيارة الإسعاف التي قد لا تتوفر للمريض في الإبان او يصيبها عطب في الطريق بسبب اهترائها. مستشفى جامعي... الى متى؟ هذا الوضع الصحي يمثل دون شك نداء استغاثة من اجل الاهتمام بالمستشفيات المحلية بمعتمديات القيروان التي تشكو من نفس العلل ومستشفى الشراردة وبوحجلة خير مثال على ذلك. كما يعد مطلب تحويل المستشفى الجهوي بالقيروان الى مستشفى جامعي من ابرز المطالب التي طالبنا بها مرارا وتكرارا نظرا الى ما يمكن ان توفره من خدمات صحية، علما ان هناك عديد الأقسام الجامعية بالمستشفى الجهوي، فمتى يستعيد القطاع الصحي عافيته ويرضي المواطن وينسجم مع دفتر منظومة «العلاج العمومي» التي ينخرط فيها اغلب المواطنين. وإلى متى تتواصل النقائص وتتراكم؟