مبادرات هامة خلال السنة الدراسية الفارطة... ماذا عن آفاق دعمها؟ تونس الصباح: تعيش في هذه الفترة مصالح وزارتي التعليم العالي والتربية والتكوين حالة استنفار بأتم معنى الكلمة بالنظر إلى انطلاق العد التنازلي للعودة المدرسية والجامعية، وتشمل هذه الاستعدادات الترسيم وكل التحضيرات المرتبطة بتوزيع الاقسام وجداول الاوقات وتوزيع الاساتذة.. والنظر في طلبات السكن بالنسبة للطلبة إلى غير ذلك من الترتيبات التي تتواصل إلى غاية التحاق التلاميذ والطلبة بمقاعد الدراسة والانطلاق الفعلي للدروس... في خضم هذه التحضيرات أردنا أن نتساءل عن نصيب الانشطة الثقافية والرياضية والترفيهية والابداعية من هذه الاستعدادات لان هذه المجالات تتطلب دون شك رصد برامج مضبوطة وتوفير الامكانيات المادية والبشرية للانجازها... وهي تعد أيضا جزءا لا يتجزأ من الحياة المدرسية والجامعية- ويجب أن تكون كذلك- بالنظر إلى أهميتها ودورها الاساسي أحيانا والتكميلي أحيانا أخرى صلب المناهج الدراسية الرسمية وداخل الفضاء المدرسي والجامعي... ويكفى أن نشير إلى ما تكتسيه الانشطة التثقيفية والرياضية والترفيهية في المؤسسات التربوية من أهمية كبرى من حيث مساهمتها في تنمية القدرات الذهنية والابداعية للتلاميذ والطلبة وصقل مواهبهم وتوفير مساحات للترويح عن النفس وللتعبير والابداع لها انعكاسات ايجابية لا على شخصية التلميذ أو الطالب فقط بل حتى على مردوده ونتائجه الدراسية... بين الامس واليوم لقد كان للانشطة الثقافية المختلفة الموجهة للتلاميذ والطلبة - رغم تواضع الامكانيات - مكان أكبر ودور أبرز سابقا يتجاوز حتى ما ذكرناه، وذلك من خلال انفتاح المؤسسة التربوية على محيطها واثراء الساحة الثقافية الوطنية بمبدعين في مجالات المسرح والسينما والشعر وكذلك الساحة الرياضة... وذلك نتيجة النشاط الحثيث الذي كان يميز النوادي الثقافية والاهتمام الكبير بالمسرح الجامعي والنوادي الرياضية المدرسية والجامعية والنوادي العلمية وغيرها من الانشطة... غير أن هذا الدور وهذه المكانة تقلصا للاسف في السنوات الاخيرة رغم أن الحاجة لتاطير الشباب والاحاطة بهم زادت وتزداد أكثر من سنة إلى أخرى مع تنامي الاخطار المحيطة بهذه الفئة وتنوع المجالات والفضاءات التي بامكانها استقطابهم طبعا على حساب الفضاء المدرسي والجامعي... دعم الانشطة الثقافية في الجامعات تضمنت السنة الدراسية والجامعية الفارطة بعض المبادرات الهامة في اتجاه إعادة الاعتبار للانشطة الثقافية والترفيهية ودعمها لتحتل مكانة أرفع. ففي إطار تعزيز دور الجامعة في تمكين الطلبة من اتمام تكوينهم بالمشاركة في الانشطة الثقافية والفنية والرياضية، نشير على سبيل المثال إلى المنشور الذي صدر في وقت سابق عن وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى رؤساء الجامعات ومديري دواوين الخدمات الجامعية وتضمن دعوتهم إلى مزيد دعم النشاط الثقافي والرياضي والعلمي بمؤسساتهم وذلك من خلال التشجيع على بعث النوادي الثقافية والعلمية والرياضية والاحاطة بالمنتمين إليها ومزيد استقطاب المواهب الطلابية في مختلف المجالات والعمل على مزيد توفير التجهيزات الرياضية والثقافية والاعلامية بالفضاءات الجامعية والتنسيق مع الهياكل الجهوية قصد استغلال الفضاءات والتجهيزات الموجودة في الجهات والتابعة لمختلف الوزارات. كما دعا المنشور إلى العمل على انفتاح كل المؤسسات على التجارب التثقيفية التابعة للجامعات الاخرى عبر عقود شراكة وتبادل ثنائية والتنسيق مع الجامعات الشقيقة والصديقة لتبادل الزيارات وتنظيم تظاهرات مشتركة وتحفيز الطلبة على المشاركة في البرامج الوطنية للانشطة الثقافية والرياضية والعلمية ومختلف التظاهرات ذات الصبغة الترفيهية التي تنجزها الادارة العامة للشؤون الطالبية والهياكل العمومية الاخرى... كما أكد منشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي على ضرورة استمرارية هذه الانشطة وتوزيعها على كامل السنة الجامعية وعدم اقتصارها على المناسبات فقط وتمت دعوة المؤسسات الجامعية إلى موافاة الوزارة قبل موفي 10 أكتوبر من كل سنة بجدول شامل للانشطة المزمع القيام بها خلال السنة الجامعية. والملاحظ هنا أن المنشور تطرق تقريبا الى جميع الجوانب المتصلة بتطوير النشاط الثقافي والرياضي والترفيهي في الجامعات... فهل يتم الالتزام بتنفيذه بالشكل والسرعة المطلوبة؟ ماذا عن المدارس والمعاهد؟ وحول التنشيط الثقافي في المدارس والمعاهد نشير إلى أن السنة الفارطة شهدت الشروع في تنظيم رحلات إجبارية لتلاميذ المرحلة الاولى من التعليم الاساسي وهي رحلات ترفيهية تعليمية تكوينية تتعلق ببعض المواد مثل التاريخ والجغرافيا والتربية البيئية بمعدل 3 رحلات كل سنة أي أن كل تلميذ يستفيد من 18 رحلة خلال التعليم الابتدائي. وعلمنا في هذا السياق أن الوزارة شرعت في اتمام اجراءات اقتناء 30 حافلة مجهزة بآلات البث وموصولة بشكبة الانترنات لتأمين الظروف الملائمة للاستفادة من هذه الرحلات.. كما ينتظر تكثيف الرحلات التثقيفية الترفيهية في مستوى الاعدادي والثانوي... ونشير في هذا السياق إلى ضرورة العمل على تدعيم الاندية والانشطة العلمية الاخرى إلى جانب الانشطة الثقافية والموسيقية والرياضية في المدارس والمعاهد التي لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب وتتطلب مزيدا من المبادرات والامكانيات..