لا تنفكّ الإدارة الأمريكية توجّه التهديد والوعيد الى القيادة الفلسطينية على خلفية اعتزامها اللجوء الى الأممالمتحدة لطلب الاعتراف بها كدولة رقم 194 تنضمّ ويا للمفارقة الى المنتظم الأممي الذي قسّم فلسطين بقراره الشهير 194 الذي يعدّ شهادة ميلاد للكيان الصهيوني. الإدارة الأمريكية تحاول الإيحاء بأن هذه الخطوة الفلسطينية بمثابة «إعلان حرب» على اسرائيل وجب التصدّي لها بالفيتو وبشتى أنواع العقوبات.. كل هذا مع أن القضية واضحة وهي قضية توق الى التحرّر والانعتاق في عصر الحرية والانعتاق.. وقضية حق في تقرير المصير في زمن تدمّر فيه دول وشعوب باسم الحقّ في تقرير المصير.. وهذا الموقف الأمريكي يطرح في الواقع مفارقة غريبة ويكشف وجهين لأمريكا لسنا ندري أيّهما الصّادق وأيّهما نصدّق.. فمن جهة تقف أمريكا في سوريا مثلا (الشعب السوري ليس شعبا محتلا مع احترامنا لكل حقوقه في الحرية والتعبير عن تطلعاته الديمقراطية) مع حقوق الشعب السوري ولا تعدم حيلة ولا وسيلة للدفع بالمسألة الى مجلس الأمن واستصدار قرار بالتدخل ل«حماية المدنيين» في نيّة ظاهرة لاستنساخ السيناريو الليبي.. وفي المقابل نجد هذه الادارة التي تظهر هذا الوجه «الانساني النبيل» في سوريا وكل هذا الحماس الى الحقوق والحريات تعود وتنكر على الشعب الفلسطيني وعلى قيادته الحق المشروع في التخلّص من براثن احتلال بيّن باعتراف قرارات الشرعية الدولية ومنها قرارات وافقت عليها أمريكا القرار 242 وتعتبر أراضي 1967 أراضي محتلة ومثلها قرار التقسيم الذي زرع اسرائيل ذاتها والذي يعطي الشعب الفلسطيني قدرا أكبر من الحقوق والأراضي. فمن نصدّق؟ أمريكا الانسانية في الأزمة السورية أم أمريكا المنحازة للاحتلال في قضية الشعب الفلسطيني العادلة؟ وأيّ الخطابين الأمريكيين نصدق: الخطاب الذي يطالب القيادة السورية بالرحيل على أساس أنه «فقد كل شرعيته»، لم يعد هناك مجال «للحوار معه».. أم الخطاب الذي يدعو القيادة الفلسطينية الى مزيد التفاوض والحال أن واشنطن تدرك قبل غيرها أنها مفاوضات عبثية في حالة موت سريري وان الغطرسة الصهيونية قد أفرغتها من أية مضامين؟ إنها أسئلة مستفزّة يفترض أن تبحث لها الادارة الأمريكية عن أجوبة حتى تتخلّص من ازدواجية المكاييل والمعايير التي تصيب مصداقيتها في مقتل.