تمثل المدارس الريفية بجهة جندوبة النسبة الأكبر من المدارس بالمندوبية الجهوية للتربية ولكن ورغم ارتفاع عددها وما تضمه من عدد كبير من التلاميذ والمربين فإن أغلبها إن لم نقل كلها تعرف مصاعب ومعاناة كبيرة. الوضع الذي تعيشه المدارس الريفية بتلاميذها وإطار تدريسها فرض على «الشروق» القيام بجولة بين ربوع الجهة لتلمس المعاناة التي شملت صعوبة التنقل عند التلاميذ وخاصة المربين الذين قبعوا بين مطرقة تنقل محفوف بالمصاعب وطول السفر وكذلك غياب وسائل النقل «اللائقة» إضافة لمعاناة التدريس التي سببها غياب التجهيزات والوسائل التعليمية التي تمثل إحدى متطلبات العمل الموجه والذي بمقتضاه تتحقق النتائج وتتحسن نحو الأفضل لفئة من المجتمع حرية بنيل ظروف أفضل تغنيهم عن الظروف الطبيعية القاسية والاجتماعية المتردية . معاناة التنقل يقول المربي «لطفي البولاهمي»: ان المعلم يقطع كيلومترات طويلة قد تصل المائة أو يزيد في بعض الحالات وسط الغابات الموحشة والمسالك الجبلية الوعرة على متن سيارات النقل الريفي التي يفتقد الكثير منها إلى أبسط مقومات السلامة دون أن ننسى أن عديد المدارس لا تتوفر بها سيارات النقل الريفي فيضطر المعلم إلى التنقل على متن سيارات «الباشي» فتكون الرحلة محفوفة بالمصاعب والمخاطر ويا ويل من يفوته موعد انطلاق السيارة « العجيبة» وهو ما يجعله إما أن يتغيب أو يرتحل لمسافات على القدمين ليصل إلى مدرسته. اما زميله المربي لزعر فيقول: «عانيت الأمرين عندما كنت أعمل بإحدى أرياف فرنانة حين كنا نتنقل على متن سيارات « الباشي» وسط قطعان الماعز والأغنام وجمع من البشر يتعدى في أفضل الأحيان العشرين نفرا يتزاحمون تزاحم القطعان ولا عزاء لهم سوى إنهاء السفرة بسلام. أما في فصل الشتاء وأمام تراكم كميات الأمطار والثلوج في بعض الأحيان وتحول الطرقات والمسالك إلى برك مياه فإننا نتنقل على القدمين لمسافات طويلة وختم التنقل بالمدارس الريفية وخاصة النائية صعب وصعب للغاية وظروفه قاسية تضطر أغلب المعلمين العاملين إلى السكن بالمدارس الريفية وفي هذا الاختيار معاناة جديدة». معاناة السكن لمن لا يجد لمعاناة السفر اليومي جهدا وطاقة جسدية ومادية فإنه يضطر للسكن بالمسكن الوظيفي التابع للمدرسة أو يكتري منزلا متواضعا بالقرب منها وفي هذا الاختيار معاناة جديدة قال عنها المربي نور الدين الغزواني: «عملت بالمدارس الريفية بفرنانة لأكثر من عشرة سنوات كانت أشبه بالحلم ولن تمحى من الذاكرة حين كانت فصول المعاناة تكمن في ضيق المساكن وغياب أبسط المواد الغذائية وخاصة الخبز والحليب . من جهته يقول المعلم نور الدين الشيحي وهو يستجمع الذكريات: «كانت الظروف صعبة في غياب أبسط المرافق فلا الغذاء كاف ولا الماء الصالح للشراب حيث وأمام انعدام الحنفيات العمومية نضطر الى جلب الماء من العيون والآبار. أما الكهرباء فحدث ولا حرج اذ لا يزال العديد من زملائنا الى حد الان يستعملون الشموع والمصباح النفطي وحتى النور الكهربائي فكثير الانقطاع بحكم العوامل المناخية القاسية. نقائص في التجهيزات زادت حجم المعاناة المعاناة التي يعيشها المعلمون وخاصة بأرياف فرنانة وغار الدماء وعين دراهم تشمل غياب التجهيزات المدرسية بدءا بالحالة السيئة لقاعات التدريس التي تشققت جدرانها وسطوحها جراء القدم والإنزلاقات الأرضية والانجراف فباتت مهددة بالسقوط في كل حين أضف إلى ذلك النقص الواضح في الوسائل التعليمية على غرار الطاولات والمناضد ووسائل الجغرافيا والرياضيات والاختبار للإيقاظ العلمي دون أن ننسى ما يسفر عنه توزيع الأقسام فإما الإكتظاظ في بعض المدارس الريفية أو نقص الأطفال مما يسبب التدريس بنظام الفرق (مستويين بنفس القسم) وكلاهما لا يخدم مصلحة المعلم والمتعلم . حال المدارس الريفية وما تختزله من فصول للمعاناة تنتظر مع كل موسم دراسي جديد تدخلات من سلطة الإشراف لتخلصها من أتون المعاناة هذه وهي تدخلات تشمل التجهيزات وظروف التنقل والإقامة حتى يحصل المعلم على ظروف أفضل تحفزه على العطاء أكثر في بيئة يحتاج أطفالها لتعليم مفيد يقيهم شر الخصاصة والحرمان وما المعلم المتطلع لرؤية جديدة تستجيب لحقوقه سوى حلقة من هذه المنظومة التي بتحسينها تعد جيلا طيب الأعراق والتدخل يحيل أيضا إلى مراجعة مقاييس النقل والمراكز وتوجيه الحيز الكافي من الاهتمام لهذه المدارس وتجهيزها بكل التجهيزات تسهيلا لمهمة المعلم والمتعلم حتى ينال نفس حظ التلميذ بالمدينة.