هكذا هي الايام تدور ولا تخلف غير صدى الأحلام في كفّ وفي الكف الثانية صدى الأوهام والأوجاع... وها هو يأتي علينا يوم نتابع فيه آخر فرصة للمنتخب للعبور الى النهائيات الافريقية بنفس الكيفية التي نتابع بها جنازة ميّت ذاهب الى مثواه الأخير.. هي الأيام تفعل فعلها... وهي الأقدام أيضا ترسم خيوط كل بداية وكل نهاية... فبالأمس راودتنا أحلام كثيرة وتنفست رياضتنا جرعة أوكسجين معتبرة حتى خُيّل الينا ان السماء تجازينا على ثورتنا وعلى هروب المخلوع... فتحصلنا على «الشان» ونلنا بطولة افريقيا في السلة وبرز رياضيونا من التنس الى السباحة الى الجيدو ورفع الأثقال وصرنا نبتهل الى العليّ القدير أن يديم علينا هذه النعمة حتى أن بعضهم علّق على جدارية الفايس بوك قائلا: «كان فؤاد المبزّع يشد روحو شوية أخرى توّة نهزّو كأس العالم»... قبل ان تأتينا أكثر من صفعة مدوية جعلتنا نترنّح وقد نسقط بالضربة القاضية إذا لم نقدر على الصمود في وجه الرياح الآتية خاصة أن المكتب الجامعي الحالي انشقت به أرض الخلافات وتصدّعت أركانه ولا نراه الا منتظرا لرصاصة الرحمة التي قد تأتي اليوم بعد أن يسدل الستار على مقابلة تونس والطوغو وإيقاف حسابات المرور أو الفشل.. اليوم، أمام منتخب الطوغو ليس من حق اي كان ان يطلب من الجمهور الحضور او حتى الدعاء داخل البيت لينجح المنتخب فهذا الجمهور قام بواجبه وزيادة... وخسر الكثير من ماله وجهده من أجل المنتخب لكنه في كل مرة يصطدم بالواقع الأليم من أقدام لاعبين آن لها ان تتوقف عن الحركة حتى لا نخسر جيلا كاملا بخسارة معركة... فهناك «وجوه» ألفناها وكرهناها وصرنا نخاف ان نفتح الصنبور فتنزل منه وهي التي لم تنفع سواء من اللاعبين او المسؤولين وبالتالي حان الوقت لنقول لها في راحة بال «DEGAGE» لأن كرتنا سواء انتصر المنتخب أو لم ينتصر وسواء عبر أو لم يعبر في حاجة الى دماء جديدة ونظرة جديدة وبرامج جديدة حتى تكتمل الثورة... وإلا لا خير فيها.. المنتخب اليوم يخوض آخر لقاء في برنامج التصفيات المؤهلة ل «كان 2012» أمام نظيره الطوغولي ولسان حاله يقول «هذا ما فعلته بنفسي» لأن ورقة العبور أضحت متعلقة بأطراف أخرى ولعلّ حديثنا عن ضرورة تحفيز منتخب التشاد بالمال ليحقق لنا ما نصبو إليه على حساب المالاوي فيه دلالة قاطعة على أننا نعيش الزمن المعكوس... وأن عصا الذل طالتنا في المدة الأخيرة فصرنا نستجدي منتخبات كانت بالأمس القريب تصاب بأنفلونزا الرهبة كلما ذكر اسم «منتخب تونس»... وهي شهادة بقدر ما نتقاسم مرارتها الا انها ستظل محفورة بالبنط العريض على أقدام لاعبي اليوم ممن يعيشون كالملوك ويتحرّكون كالملوك.. وسينتهون كالملوك عندما يلفظهم التاريخ ويسقطهم الشعب من حساباته.. اليوم ولو انتصر المنتخب بعشرة أهداف فلن يقدر على محو المرارة التي سبّبها لنا ولا نراه يقدر على فسخ حالات الإحباط التي تعرضنا لها بسببه ونحن نشد ازره في كل مكان لكنه كان في كل مرة يتفنن في تعذيبنا بطرق ما أنزل الله بها من سلطان.. على جناح الأمل ما يؤلمنا ان يجهز الجميع سكاكين الذبح وآلات الهدم.. وينسى الجميع أدوات البناء بعد وصول رصاصة الرحمة الى رأس المنتخب..